الفصل الثالث
*الدولة الجغتائية
[٦٢٤ - ٧٦٠ هـ = ١٢٢٧ - ١٣٥٨ م].
النشأة والتكوين:
تنسب «الدولة الجغتائية» إلى مؤسسها «جغتاى» الابن الثانى
لجنكيزخان الذى أصبح ولى عهده بعد وفاة أخيه الأكبر «جوجى»
فى حياة والدهما، فلما مات «جنكيزخان» فى سنة (٦٢٤هـ =
١٢٢٧م)، آلت إلى «جغتاى» أملاك «الدولة الجغتائية» (خانات
جغتاى)، التى تُعرف باسم: «منطقة التركستان»، وهى تعتبر حدا
فاصلا بين دولة «القبجاق» ودولة الخاقانات.
حكم «جغتاى» مؤسس هذه الدولة منذ وفاة والده فى عام (٦٢٤هـ =
١٢٢٧م) إلى عام (٦٣٩هـ =١٢٤٢م)، وكان رجلا حازمًا وصارمًا
وعنيدًا، ذلك لأنه كان المسئول عن تنفيذ الياسا، وقد اشتُهر بسوء
معاملة المسلمين، وتعطشه لسفك دمائهم.
ثورة تارابى:
تنتسب هذه الثورة إلى زعيمها «محمود الترابى»، الذى كان يعمل
صانعًا للغرابيل، بقرية «تاراب»؛ أقدم قرى مدينة «بخارى»، وهدفت
هذه الثورة - التى أطلق عليها بعض المؤرخين الفرس: حركة شعبية -
إلى رفض الحكم المغولى، واعتمدت على الدين كأساس لها فى ذلك،
فالتف الناس حولها، على الرغم من أن دعاتها اعتمدوا على
الخرافات، وادعوا اتصالهم بالأرواح، إلا أن انضمام «شمس الدين
المحبوبى» أحد علماء «بخارى» إليها أكسبها قوة؛ إذ كان على
خلاف مع أئمة «بخارى»، فساند «محمود تارابى» زعيم الثورة،
وذكر له أن أباه قرأ فى أحد الكتب نبوءة مفادها: أن رجلا سيظهر
ببخارى، سيكون فتح العالم على يديه، وأن مواصفات هذا الرجل
تنطبق على «محمود تارابى»، وأكد المنجمون صدق ذلك، وأعلنوا
أن نجم «محمود تارابى» قد بزغ، وأن الحظ سيحالفه، ولأن هذه
المعتقدات كانت سائدة آنذاك، فقد اهتم الناس بأقوال المنجمين،
والتفوا حول زعيم هذه الثورة، وحققوا انتصارات كبيرة، ودخلوا
«بخارى»، غير أن المغول تمكنوا من صد الثورة ومقاومتها، وسقط
«التارابى» و «محبوبى» صريعين، فأعلن الثوار «محمدًا» و «عليا»،