٤ - عبدالملك بن مروان (٦٥ - ٨٦هـ):
هو «عبدالملك بن مروان بن الحكم»، ولد فى «المدينة» سنة (٢٦هـ)
فى خلافة «عثمان بن عفان»، ونشأ بها نشأة علمية، وتتلمذ لكبار
الصحابة، من أمثال «عبدالله بن عمر»، و «أبى سعيد الخدرى»،
و «أبى هريرة» رضى الله عنهم، وبرع فى الفقه حتى عُدَّ من فقهاء
«المدينة»، وقد تواترت الأخبار عن فقهه وغزارة علمه ورجاحة عقله،
قال عنه «الذهبى»: «ذكرته لغزارة علمه»، وقال «الشعبى»: «ما
جالستُ أحدًا إلا رأيت لى الفضل عليه إلا عبدالملك بن مروان»، واحتج
الإمام «مالك بن أنس» بقضائه.
ومكث «عبدالملك» معظم حياته قبل أن يلى الخلافة فى «المدينة
المنورة»، لم يغادرها إلا لحج أو لجهاد، فقد اشترك فى فتح «شمال
إفريقيا» فى عهد «معاوية بن أبى سفيان».
عبدالملك ووحدة الدولة الإسلامية:
تولى «عبدالملك» الخلافة بعد وفاة أبيه فى رمضان سنة (٦٥هـ)،
ووجد الدولة الإسلامية قد تنازعتها خمس دول: دولته هو، وتتكون من
«مصر» والشام وعاصمتها «دمشق»، ودولة «عبدالله بن الزبير»
وتتكون من «الحجاز» وبعض «العراق» و «بلاد فارس»، وعاصمتها
«مكة المكرمة»، ودولة للشيعة أقامها «المختار بن أبى عبيد
الثقفى» فى جزء من «العراق»، وعاصمتها «الكوفة»، ودولة
للخوارج الأزارقة فى إقليم «الأهواز»، جنوبى شرقى «العراق»،
ودولة للخوارج النجدات فى إقليم «اليمامة» فى شرقى الجزيرة
العربية وجنوبى شرقيها.
رأى «عبدالملك» أن هذه الدول التى برزت خلال الفوضى التى عمَّت
بعد وفاة «يزيد بن معاوية» لا رابط يجمع بينها سوى العداء لبنى
أمية، فتركهم فى البداية يأكل بعضهم بعضًا، فاشتبك «ابن الزبير»
مع «المختار الثقفى»، وقضى عليه تمامًا حين أرسل له جيشًا بقيادة
أخيه «مصعب بن الزبير»، فتمكن من هزيمته سنة (٦٧هـ)، وبذلك
تخلص «عبدالملك» من واحد من أقوى خصومه دون أن يبذل أى جهد.
وكان المختار بن عبيدالله» من الشخصيات التى كانت تسعى إلى