[*العباسية (خلافة)]
ينتسب خلفاء «بنى العباس» إلى جدهم «العباس بن عبدالمطلب»
عم النبى - صلى الله عليه وسلم -، الذى عاش فى «مكة» وأسلم
بها، وكانت له مكانته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد
امتدت دولتهم لفترة زمنية طويلة تزيد على خمسة قرون (٢٣١ -
٦٥٦هـ)، واتسعت لتشمل مساحات كبيرة من العالم الإسلامى،
ومرَّت خلال عمرها المديد بفترتين اصطلح أغلب المؤرخين على
تسميتهما بالعصر العباسى الأول والعصر العباسى الثانى.
وشهد العصر العباسى الأول (١٣٢ - ٢٣٢ هـ) حياة مزدهرة،
وسلطانًا واسعًا وقوة غالبة وجاهًا عريضًا، حتى أطلق عليه
العصر الذهبى للخلافة أو عصر القوة والازدهار، وذلك بفضل
جهود خلفائه العظام، ووزرائه الأكفاء، وقادته المهرة. واستقرت
فى هذا العصر النظم السياسية والإدارية، فاستحدث نظام
الوزارة، وارتقت وظائف الكتابة، واتسع نظام الدواوين، واستقل
منصب القضاء، كما ازدهرت الحياة الاقتصادية، وتعددت موارد
الدولة، وارتفع مستوى المعيشة، وازداد العمران، وبنيت المدن
والعواصم، وأقيمت الأسواق، وشيدت المساجد والقصور، أمَّا
الحياة الفكرية فقد ازدهرت ازدهارًا عظيمًا فى شتى فروع
المعرفة، فتمايزت العلوم واستقلت، ونهضت حركة الأدب،
ونشطت الترجمة، وكثرت حلقات العلم، وبرز العلماء والأدباء،
وظهرت المذاهب الفقهية، ووضعت الكتب والمصنفات. أما العصر
العباسى الثانى الذى دام أكثر من أربعة قرون فيقسمه
المؤرخون إلى أربع فترات رئيسية هى: فترة نفوذ الأتراك (٢٣٢
- ٣٣٤هـ)، وفترة سيطرة البويهيين (٣٣٤ - ٤٤٧هـ)، وفترة نفوذ
السلاجقة (٤٤٧ - ٥٩٠هـ)، وفترة ما بعد السلاجقة، وهى الفترة
التى انحصر فيها نفوذ الخلفاء فى بغداد وما حولها. وقد تميز
هذا العصر بظهور الدول المستقلة عن الخلافة وإن ارتبطت بها
ارتباطًا اسميا كالدولة «الصفارية» (٢٥٤ - ٢٨٩هـ) فى فارس
وخراسان، والدولة «السامانية» (٢٦١ - ٣٨٩هـ) فى بلاد ما وراء