الفصل السابع
*دولة المماليك البحرية
[٦٤٨ - ٧٨٤ هـ = ١٢٥٠ - ١٣٨٢ م].
أصل المماليك:
أكثر الأيوبيون من شراء المماليك الأتراك، وبنوا لهم الثكنات بجزيرة
الروضة، وأطلقوا عليهم اسم «المماليك البحرية»، فقويت شوكتهم،
وزادت سطوتهم، وسنحت لهم الفرصة بعد ذلك، فتولوا حكم «مصر».
كانت الغالبية العظمى من جماعات المماليك الذين جلبهم الأيوبيون
وسلاطين المماليك من بعدهم تأتى من «شبه جزيرة القرم» و «بلاد
القوقاز»، و «القفجاق»، و «آسيا الصغرى»، و «فارس»،
و «تركستان»، و «بلاد ما وراء النهر»، فكانوا خليطًا من الأتراك،
والشراكسة، والروم، والروس، والأكراد، فضلا عن أقلية من مختلف
البلاد الأوربية. والمماليك طائفة من الأرقَّاء الذين اشتراهم سلاطين
«مصر» وأكثروا منهم، لاسيما فى العهد الفاطمى، ثم تهيأت لهم
الظروف ليحكموا «مصر» و «الشام»، وبلاد أخرى، ومع ذلك احتفظوا
أثناء حكمهم لمصر بشخصيتهم، ولم يختلطوا بأى عنصر من عناصر
السكان فى «مصر» وفى غيرها من البلاد التى حكموها.
وكان المماليك ينقسمون فيما بينهم إلى أحزاب وطوائف متنافسة،
ولكن هذا الانقسام لم يكن يؤثر على وحدتهم أمام العالم الخارجى
حين يواجهونه، فقد كانوا يظهرون كعصبة واحدة متحدة، ويفسر
ذلك سر قوتهم وأسباب تفوقهم وانتصاراتهم الحربية.
وكان باب الترقى فى حكومة المماليك مفتوحًا على مصراعيه أمام
كل مملوك يثبت كفاءته فى العمل، فيترقى من مملوك إلى أمير
حتى يصل إلى عرش المملكة بكفاءته واجتهاده، فالسلطان لم يكن
إلا واحدًا من أمراء المماليك، قدموه على أنفسهم لقوة شخصيته،
ووفرة أنصاره، وكثرة جنوده، وقدرته على المنافسين الطامعين
فى العرش، ولقد سطرت دولة المماليك الأولى «المماليك البحرية»
صفحة مضيئة من تاريخ «مصر» خاصة، والتاريخ الإسلامى عامة،
على أيدى سلاطينها الأقوياء الذين عملوا على توحيد البلاد، ورفع
رايات الجهاد، وهم:
-١ العز أيبك: