*عَدَل (سلطنة)
كانت «عَدَل» إقليمًا من الأقاليم التى خضعت لسلاطين «أوفات».
وليس ببعيد أن تكون قد تأسست فيها إمارة محلية تدين بالولاء
لبنى ولشمع، ويبدو أن موقعها المتطرف قد ساعد على نجاتها
من التوسع الحبشى الذى أطاح بالإمارات السابقة. وكان طبيعيا
أن يأوى «بنو سعد الدين» إلى إقليم قريب من البحر يتيح لهم
الاتصال ببلاد اليمن بعيدًا عن مناطق النفوذ الحبشى. وكانت تلك
السلطنة تضم البلاد الواقعة بين ميناء «زيلع» و «هرر» وتشمل ما
يعرف بالصومال الشمالى والغربى وإقليم «أوجادين»، وسميت
هذه البلاد «بر سعد الدين» تخليدًا لسعد الدين الذى مات بزيلع
ودفن بها. استأنف سلاطين «عَدَل» الجهاد مرة أخرى فى عهد
«صبر الدين الثانى» الذى اتخذ مدينة «دَكَّر» عاصمة له،
واستطاع الاستيلاء على عدة بلاد حبشية فيما يعرف بحرب
العصابات، وبعد وفاته عام (٨٢٥هـ = ١٤٢٢م) خلفه أخوه
«منصور» المتوفى سنة (٨٢٨هـ = ١٤٢٥م) الذى بدأ عهده بحشد
عدد كبير من مسلمى «الزيلع» وهاجم بهم ملك الحبشة وقتل
صهره وكثيرًا من جنده، وحاصر منهم نحوًا من ثلاثين ألفًا مدة
تزيد على شهرين، ولما طلبوا الأمان خيَّرهم بين الدخول فى
الإسلام أو العودة إلى قومهم سالمين، فأسلم منهم نحو عشرة
آلاف وعاد الباقون إلى بلادهم، ولم يقتلهم «منصور» ولم
يستعبدهم كما كان يفعل ملوك الحبشة بجنود المسلمين الذين
كانوا يقعون فى أسرهم. لكن ملك «الحبشة» «إسحاق بن داود»
أعد جيشًا كبيرًا وهجم به على «منصور» وقواته وهزمها هزيمة
شنيعة لدرجة أن السلطان «منصور» وقع هو وأخوه الأمير
«محمد» فى أسر «إسحاق» عام (٨٢٨هـ = ١٤٢٥م). ولكن راية
الجهاد ضد عدوان الأحباش لم تسقط بهذه الهزيمة، فقد قام أخ
للسلطان الأسير وهو السلطان «جمال الدين» برفع راية الجهاد
من جديد. وانتصر على ملك الحبشة فى مواقع كثيرة، ولكن
أبناء عمه حقدوا عليه ربما رغبة فى النفوذ والسلطان الذى