الفصل العاشر
*سلطنة الفونج الإسلامية فى سنار
[٩١٠ - ١٢٣٦هـ = ١٥٠٥ - ١٨٢٠م]:
اختلف الباحثون فى أصل «الفونج»، فقيل إنهم من سلالة عربية
أموية هربت من وجه العباسيين، وأنهم جاءوا إلى «الحبشة» أولا
ومنها إلى «السودان الشرقى» (النيلى)؛ حيث تصاهروا مع ملوك
«السودان»، وظهرت نواة إمارة «الفونج» عقب القضاء على مملكة
«دنقلة» المسيحية، وتسرَّب العرب على نطاق واسع إلى مملكة
«علوة» المسيحية، واتَّسع نطاق هذه الإمارة غربًا، ووصل إلى
أطراف منطقة الجزيرة من الشرق، ثم تمَّ التحالف بين هذه الإمارة
النامية فى عهد أميرها «عمارة دونقس» (٩١١ - ٩٤١هـ= ١٥٠٥ -
١٥٣٤م) وبين عرب «القواسمة» الذين ينتمون إلى مجموعة
«الكواهلة» فى عهد زعيمهم وشيخهم «عبدالله جَمَّاع».
وقد كان لهذا التحالف نتائج مهمة فى تاريخ «سودان وادى النيل»:
أولها: قضاء الحليفين على مملكة «علوة» المسيحية عام (٩١١هـ=
١٥٠٥م).
وثانيها: قيام مملكة «العبد لاب» التى اتَّخذت مدينة «قِرِّى» حاضرة
لها، ثم انتقلت منها إلى «حلفاية»، وشاركت «الفونج» فى السيطرة
على القسم الشمالى من البلاد وامتدَّ ملكهم من مصب «دندر» إلى بلاد
«دنقلة».
وثالثها: قيام مملكة «الفونج» الإسلامية التى كان «عمارة دونقس»
أول سلطان لها وامتدت من «النيل الأزرق» إلى «النيل الأبيض».
وقد بلغت هذه السلطنة أوج مجدها فى عهد السلطان «بادى الثانى
أبو دقن» (١٠٥٢ - ١٠٨٨هـ = ١٦٤٢ - ١٦٧٧م)؛ إذ امتدت رقعتها من
«الشلال الثالث» إلى «النيل الأزرق»، ومن «البحر الأحمر» إلى
«كردفان»، واستمر توسُّع هذه الدولة طيلة القرن الثامن عشر
الميلادى فى عهد الملك «بادى الرابع».
غير أنه قبيل نهاية ذلك القرن ظهرت عوامل الضعف فى هذه
السلطنة، عندما تصدَّعت عُرَى التحالف بين سلاطين «الفونج» و «عرب
القواسمة»، كما كان لاستبداد الوزراء والقواد أثره فى القضاء على
هذه الدولة، فقد استطاع «محمد بن أبى لكيلك كتمور» المتوفى سنة