[*إدريس بن عبدالله]
اضطهد العباسيون منذ اللحظة الأولى لقيام دولتهم أبناء
عمومتهم من العلويين، وأسرف بعض الخلفاء العباسيين فى
ذلك، فأسفر الأمر عن قيام عدة ثورات، كانت آخرها ثورة
«الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن
أبى طالب» على والى «المدينة» فى سنة (١٦٩هـ=٧٨٥م)، ولكن
العباسيين استطاعوا قمعها، وقتلوا زعيمها ومجموعة من أهل
بيته. وكان «إدريس بن عبدالله» ومولاه «راشد» ممن فرَّ من أرض
المعركة، واتجها إلى «مصر»، ومنها إلى «المغرب الأقصى»،
ونزلا مدينة «وليلى» عاصمة هذا الإقليم، ثم توجها إلى أميرها
وزعيمها «إسحاق بن محمد بن عبدالحميد الأوربى»، زعيم قبيلة
«أوربة» التى فرضت نفوذها وسيطرتها على مدينة «وليلى»
وما حولها، وعرفه «إدريس» بنفسه، وأعلمه بسبب فراره من
موطنه «الحجاز»، ولجوئه إلى بلاده، فرحب به «إسحاق» وآمن
بدعوته، وبايعه بالإمامة، وكذلك بايعته قبيلته «أوربة»، ومعها
بقية القبائل فى رمضان سنة (١٧٢هـ=٧٨٨م)، ومن ثَم نجح
«إدريس» فى تأسيس دولة حملت اسمه بالمغرب الأقصى. لكن
ذلك أقلق الخلافة العباسية، خاصة بعد أن مدَّ «إدريس» نفوذه
إلى مدينة «تلمسان» بالمغرب الأوسط. عمد الخليفة العباسى
«الرشيد» إلى الحيلة للقضاء على نفوذ «الأدارسة»، فقيل إنه
بعث برجل يدعى «الشماخ» إلى «إدريس»، فتظاهر بحبه لآل
البيت، وفراره من بطش العباسيين، ولازم «إدريس» فترة ثم
اغتاله حين سنحت له الفرصة، وهكذا نجحت الخلافة العباسية
فى التخلص من «إدريس» أبرز المناوئين لها، وفقدت «دولة
الأدارسة» مؤسسها فى سنة (١٧٥هـ=٧٩١م) بعد ثلاث سنوات
ونصف فقط من قيامها.