[*أسكيا محمد الأول]
كان أسكيا محمد الأول فى الأصل قائدًا من قواد سُنِّى على ملك
دولة صنغى الإسلامية التى كانت تقع فى غرب إفريقيا، وكان
أسكيا محمد من قبائل السوننك المشهورة بنشر الإسلام فى
هذه المنطقة من القارة منذ القرن (١١م)، بينما كان سُنِّى على
مشغولاً بمشروعاته السياسية وتوسعاته فى المناطق المحيطة
بدولته؛ مما صرفه عن الاهتمام بالأمور الدينية، مما مهد السبيل
أمام أحد قواده وهو محمد بن أبى بكر التورى، إذ أعلن هذا
القائد الثورة ضد ابن سنى على الذى كان قد تولى العرش بعد
وفاة والده، واستطاع هذا القائد الاستيلاء على السلطة، وأطلق
على نفسه لقب أسكيا ومعناه: القاهر، وأصبح يُعرف باسم
أسكيا محمد الأول، أو أسكيا الحاج محمد، أو أسكيا محمد
الكبير. وحكم أسكيا محمد البلاد فى الفترة من (١٤٩٣ - ١٥٢٩م)،
وقام بتنظيمها من الناحية الإدارية ونظم الجيش، واتخذت حركته
مظهرًا إسلاميًّا واضحًا، إذ اعتنى بتطبيق الشريعة الإسلامية
وقضى على مظاهر الفساد، وأنشأ المساجد، وأدى فريضة
الحج فى عام (١٤٩٦م) فى موكب اتصف بالعظمة والأبهة
والفخامة، وأنفق مئات الألوف من الذهب على فقراء الحرمين
الشريفين، واهتم بحركة الجهاد لنشر الإسلام بين الوثنيين
المحيطين بدولته، وأرسل علماء من تمبكت لتحقيق هذا الغرض،
وبلغت إمبراطورية صنغى فى عهده أقصى اتساع لها، حتى
صارت أضخم من إمبراطورية مالى الإسلامية التى كان ملوك
صنغى الأوائل قد ضموا معظم أراضيها إلى بلادهم وأكمل
أسكيا محمد الأول مافعلوه، ولكن حكمه آذن بالزوال حينما
أصيب بالعمى وانتابه المرض وتآمر عليه أولاده، وعزله أحدهم
وتولى الحكم فى (١٥٢٩م). واستمر أسكيا محمد الأول سجين
داره وبصره حتى تُوفِّى بعد ذلك ببضعة أعوام، بعد أن أسس
لأولاده وأحفاده من بعده إمبراطورية واسعة الأرجاء، ونشر
الإسلام فى كثير من البلدان المحيطة به، وطبَّق الشريعة