للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*كافور الإخشيدى]

وُلد «كافور» بين سنتى (٢٩١ و٣٠٨هـ) فلم تُحدَّد سنة ولادته

تحديدًا دقيقًا - وكانت كنيته «أبا المسك»، وبدأ حياته مملوكًا

بسيطًا، اشتراه «محمد بن طغج» من رجل يُدعَى «محمود بن

وهب»، وتوسَّم فيه «الإخشيد» الذكاء، فاحتفظ به ورباه فى

بيته تربية عالية، فلما رآه يتقدم ازداد إعجابه به واختصه من بين

عبيده وأولاه ثقته وأعتقه، وأخذ يرقيه فى بلاطه حتى جعله

من كبار قواده؛ لما يتمتع به من ذكاء وصفات طيبة، وبعثه قائدًا

أعلى على رأس جيوشه لمحاربة أعداء الدولة، وعهد إليه بتربية

ولديه «أبى القاسم أنوجور» و «أبى الحسن على»، كما عهد

إليه بأن يكون وصيا عليهما فى الحكم من بعده. عندما تولَّى

«أنوجور» حكم «مصر» سنة (٣٣٤هـ) كان لايزال طفلا صغيرًا لا

يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، فقام «كافور» بتدبير أموره

وأمور الدولة، وبقيت علاقتهما - كما كانت - علاقة الأستاذ

بتلميذه، وأصبح «كافور» صاحب السلطان المطلق فى إدارة

الدولة الإخشيدية، واستطاع التغلب على المشاكل التى قابلت

الدولة فى مستهل ولاية «أنوجور»، وتمكن من القبض على زمام

الأمور بيده، وخاطبه الناس بالأستاذ، وذُكِرَ اسمه فى الخطبة،

ودُعى له على المنابر فى «مصر» والبلاد التابعة لها، كما عامل

رؤساء الجند وكبار الموظفين معاملة حسنة، فاكتسب محبتهم

واحترامهم، فلما كبر «أنوجور» شعر بحرمانه من سلطته،

فظهرت الوحشة بينه وبين أستاذه «كافور»، وحاول البعض أن

يوقع بينهما، وطلبوا من «أنوجور» أن يقوم بمحاربة «كافور»،

فلما علمت أم «أنوجور» بذلك خافت عليه، وعملت على الصلح

بينه وبين «كافور»، وما لبث «أنوجور» أن مات سنة (٣٤٩هـ).

كان ولى عهد «أنوجور» فى الحكم ولدًا صغيرًا هو «أحمد بن

أبى الحسن على»، فحال «كافور» دون توليته بحجة صغر

سنه، واستصدر كتابًا من الخليفة العباسى يقره فيه على توليته

«مصر» سنة (٣٥٥هـ) بدلا من هذا الطفل الصغير، فتولى

<<  <  ج: ص:  >  >>