[*دارفور (سلطنة)]
بلاد «دارفور» عبارة عن هضبة تنتشر فيها المراعى وتتخللها
بعض المرتفعات، ويتألف سكانها من العنصر الزنجى والعنصر
الحامى، وكانت هذه البلاد مستقرا لشعب يُسمَّى شعب
«الداجو»، وفد عليها من الشرق أو من «جبال النوبا» الواقعة
غرب «النيل الأبيض» قبل القرن الثانى عشر الميلادى وأسس
فيها مُلكًا. وفى القرن الثانى عشر الميلادى دخل هذه البلاد
عنصر مغربى من «تونس» يتمثل فى «شعب التنجور» أو «عرب
التنجور»، وهم عنصر من البربر أو العرب، وقد خالط هؤلاء
شعب «الداجو» وصاهروهم، ونتج عن ذلك وجود جنس مختلط
يُسمَّى شعب الفور استطاع أن يصل إلى الحكم. كان أول
السلاطين المولدين من «الداجو» «والتنجور» هو «أحمد المعقور»
الذى تزوج من ابنة ملك «دارفور» الوثنى، بعد أن أثبت جدارته
فى الإشراف على شئون بيت الملك، وقد اتخذه الملك مستشارًا،
ولما لم يكن للملك أبناء ذكور، فقد زوج ابنته لأحمد المعقور،
وعينه خليفة له، فتأسست بذلك أول سلطنة إسلامية فى
«دارفور». ولقد اقترنت إصلاحات السلطان «أحمد» وأولاده من
بعده بنشاط ملحوظ فى نشر الدعوة الإسلامية، على أن
«دارفور» لم تدخل فى الإسلام حقا إلا نتيجة جهود أحد ملوكها
وهو «سليمان سولون» الذى وصل إلى الحكم نتيجة لإحدى
الهجرات العربية التى وفدت على «دارفور» منحدرة من «وادى
النيل» فى القرن الخامس عشر الميلادى وأصهر هؤلاء العرب
إلى سلاطين «الفور»، كما أصهروا إلى ملوك «النوبة» من قبل.
وكان «سليمان سولون» وليد هذه المصاهرة، وتمكن من اعتلاء
عرش «دارفور» (٨٤٩ - ٨٨١هـ = ١٤٤٥ - ١٤٧٦م)، وفتح البلاد
للهجرات العربية، فوفدت قبائل «الحبانية» و «الرزيقات»
و «المسيرية» و «التعايشة» و «بنى هلبة» و «الزيادية»
و «الماهرية» و «المحاميد» و «بنى حسين» وغيرهم، وبفضل
هؤلاء العرب المهاجرين إلى «دارفور»، اصطبغت السلطنة
بالصبغة الإسلامية الواضحة، وعمد السلطان «سليمان سولون»