للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*ملاذكرد (معركة)]

عزم الإمبراطور البيزنطى «رومانوس الرابع» على طرد

«السلاجقة» من «أرمينيا» وضمها إلى النفوذ البيزنطى، فأعد

جيشًا كبيرًا سنة (٤٦٣هـ = ١٠٧١م) يتكون من مائتى ألف مقاتل،

وتولَّى قيادته بنفسه، وزحف به إلى «أرمينيا»، وعندما علم

السلطان «ألب أرسلان» بذلك وهو بأذربيجان لم يستطع أن

يجمع من المقاتلين إلا خمسة عشر ألف فارس، فتقدم بهم إلى

لقاء الإمبراطور البيزنطى وجحافله، والتقت مقدمة جيش السلطان

بمقدمة جيش «رومانوس» فى «أرمينيا» فهزمتها. وقد أراد

السلطان «ألب أرسلان» استغلال هذا النصر المبدئى فأرسل إلى

الإمبراطور «رومانوس» يعرض عليه الصلح، إدراكًا منه لحرج

موقفه بسبب قلة جنده، فرفض «رومانوس» الصلح وهدد

السلطان بالهزيمة والاستيلاء على ملكه، وقد ألهب هذا التهديد

حماس السلطان وجيشه وعزموا على إحراز النصر أو الشهادة،

ووقف فقيه السلطان وإمامه «أبو نصر محمد بن عبدالملك

البخارى» يقول للسلطان: «إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره

وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله - تعالى - قد

كتب باسمك هذا الفتح، فالْقَهُم يوم الجمعة بعد الزوال، فى

الساعة التى تكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون

للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة». فلما جاءت هذه

الساعة صلى بهم، وبكى السطان فبكى الناس لبكائه ودعا

ودعوا معه، ولبس البياض وتحنَّط وقال: إن قُتِلْتُ فهذا كفنى!

والتقى جيش السلطان وجيش الإمبراطور فى مدينة «ملاذكرد»

بأرمينيا، وحمل المسلمون على الروم حملة رجل واحد، وأنزل

الله نصره عليهم فانهزم الروم وامتلأت الأرض بجثثهم، وتمكن

المسلمون من أسر إمبراطور الروم «رومانوس»، فأحسن

السلطان «ألب أرسلان» معاملته، وأعفاه من القتل مقابل فدية

مقدارها مليون ونصف مليون دينار، وعقد معه صلحًا مدته

خمسون عامًا، وأطلق سراحه وأرسل معه جندًا أوصلوه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>