للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*عبدالرحمن الأوسط]

أحد حكام الأندلس فى فترة الإمارة الأموية، تولى الحكم فى (٢٧

من ذى الحجة ٢٠٦هـ = ٨٢٢م) بعهد من أبيه الحكم بن هشام

الربضى؛ وسمى عبد الرحمن الثانى لأنه حكم بعد جده عبد

الرحمن الداخل. وكان «عبدالرحمن» منذ صغره شغوفًا بدراسة

الأدب والحديث والفقه، ذا عقل مستنير، خبيرًا بشئون الحرب

والسياسة، هادئ الطباع، حسن العشرة، متقربًا إلى الناس،

حازمًا فى أمره، ولهذا كان مؤهلاً لإزالة ما خلفته إمارة أبيه

الحكم من آثار سيئة. وقد واجه «عبدالرحمن» فى أول ولايته

سنة (٢٠٧هـ = ٨٢٣م) ثورة فى «بلنسية» دامت عدة سنوات، ولم

تنته إلا فى سنة (٢١٣هـ = ٨٢٨م) حيث نجح فى القضاء عليها

وإخماد فتنتها، كما واجه ثورة فى قرطبة نجح فى القضاء

عليها أيضًا. استأنف «عبدالرحمن الثانى» برنامجه فى الجهاد

مبكرًا، فأرسل فى سنة (٢٠٨هـ = ٨٢٣م) حملة عسكرية بقيادة

«عبدالكريم بن عبدالواحد بن مغيث» إلى «ألبة والقلاع» بعد أن

أغار ملك جليقية (ليون) على مدينة سالم فى الثغر الأعلى، وقد

نجحت الحملة فى إلحاق الهزيمة بالنصارى فى عدة مواقع،

وخربت مدينة «ليون» وأحرقت حصونها، وأطلقت سراح

المسلمين، وألزمت القوات المعتدية بدفع جزية كبيرة وعادت

الحملة بقيادة «عبدالكريم» إلى قرطبة مثقلة بالغنائم، وكانت

تلك آخر غزوات هذا القائد المظفر الذى استمر يدافع عن الأندلس

فى ميادين القتال أكثر من ثلاثين سنة؛ حيث توفى فى سنة

(٢٠٩هـ = ٨٢٤م) ثم تعرَّضت البلاد لعدد من الثورات والفتن

والقلاقل فى «طليطلة» و «ماردة» دامت سنوات طوال،

واستنفدت كثيرًا من الجهد والمال وإراقة الدماء حتى تمكن

«عبدالرحمن» من القضاء عليها. عاود «عبدالرحمن» نشاط

الجهاد، فبدأ يرسل الصوائف كل عام إلى الشمال تارة إلى

أطراف الثغر الأعلى لتشتبك مع الفرنجة، وتارة إلى «ألبة

والقلاع» حيث تغير على بلاب البشكنس وأطراف مملكة جليقية

<<  <  ج: ص:  >  >>