للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*ابن الأشعث (ثورة)]

هى واحدة من أعنف الثورات التى هبت فى وجه الدولة الأموية،

ولم يكن الدافع إليها خلاف مذهبى مع الدولة، كما هو الحال مع

الخوارج والشيعة، وإنما كان دافعها الأساسى الطموح

الشخصى الذى لعب برءوس بعض أبناء القبائل الكبرى، وكان

«عبدالرحمن بن الأشعث» زعيم هذه الثورة نموذجًا لها؛ إذ

استغل العداء التقليدى والحقد الدفين الذى يكنه العراقيون لبنى

أمية أسوأ استغلال، وأعلن الثورة عليهم. خلاصة القصة أن

«الحجاج بن يوسف» والى «العراق» (٧٥ - ٩٥هـ) أمَّر

«عبدالرحمن بن الأشعث» على جيش كبير سنة (٨٠هـ) أطلق عليه

المؤرخون «جيش الطواويس»؛ لضخامته وحسن إعداده، وأمره

بالتوجه إلى «سجستان» شرقىّ بلاد فارس؛ لمعاقبة ملكها

«رتبيل» الذى نقض المعاهدة التى بينه وبين المسلمين، وفتح

حدود بلاده للخارجين على الدولة الأموية، موفِّرًا لهم الأمن

والحماية، فصبر عليه «الحجاج» على مضض، إلى أن فرغ من

أمر الخوارج وقضى على «ابن الزبير»، فأرسل إليه هذا الجيش

الهادر لتأديبه والقصاص منه. وبدلا من أن يمضى «عبدالرحمن بن

الأشعث» لأداء المهمة المكلَّف بها، وقتال ملك كافر متمرد على

الدولة، ارتد ثائرًا عليها، وشجعه على ذلك استجابة أهل

«العراق» للثورة ورغبتهم فى التمرد على الدولة، وكانوا أغلبية

فى الجيش الذى بلغ عدده مائة ألف مقاتل. وزاد الأمر سوءًا

انخداع بعض العلماء من كبار التابعين بدعوة «ابن الأشعث»،

فصدَّقوا دعواه بأنه إذا بويع بالخلافة فسيحكم بالعدل، ويعيد

حكم الراشدين ويمحو مظالم «بنى أمية»، فاستجابوا له، وكان

على رأسهم: «عامر الشعبى»، و «سعيد بن جبير» الذى جعله

«الحجّاج» أمينًا على الأموال التى ينفق منها على الجيش، وكان

لموقفهم هذا أثر كبير فى تمادى «ابن الأشعث» فى الثورة

واستجابة الجنود له، وترتَّب على ذلك أعنف ثورة واجهت

«عبدالملك بن مروان»، دامت نحو سنتين (٨١ - ٨٣هـ)، ودارت

<<  <  ج: ص:  >  >>