[*الردة (حروب)]
بدأت حركة الردة بالقبائل التى منعت الزكاة كعبس و «ذبيان»
و «غطفان» وغيرها، حيث أرسلت وفدًا إلى «المدينة»، يعرض
على «الصديق» مطالبهم، وأنهم لم يرفضوا الإسلام، ولكنهم
يرفضون دفع الزكاة لحكومة «المدينة»؛ لأنها فى ظنهم معرَّة،
ويعدُّونها إتاوة تدفع لأبى بكر، ولم تدرك تلك القبائل أثر
الزكاة فى التكافل الاجتماعى بين المسلمين. كان رأى فريق
من الصحابة وعلى رأسهم «عمر بن الخطاب» أن يستجيب «أبو
بكر» لتلك القبائل، ولا يجبرها على دفع الزكاة، وخاصة أن
«المدينة» مكشوفة، وليس بها قوة تحميها وتدافع عنها؛ لأن
جيش «أسامة» لما يعد بعد من شمالى بلاد العرب، لكن
«الصديق» لم يقتنع بهذا الرأى، ورد على «عمر بن الخطاب» ردا
جازمًا قائلا له: «والله لو منعونى عقالا -الحبل الذى يجرُّ به
الحمل - لجاهدتهم عليه». ولم يكن «الصديق» صاحب قرارات
صائبة فحسب، بل كان يقرنها بالعمل على تنفيذها، فلما رأى
الغدر فى عيون مانعى الزكاة أدرك أنهم سيهاجمون «المدينة»
على الفور؛ لأنهم عرفوا غياب معظم الرجال مع جيش «أسامة»،
وأعلن حالة الاستعداد للدفاع عن «المدينة» عقب عودة المانعين
إلى ديارهم، واتخذ مسجد رسول الله، مقرا لغرفة عمليات
عسكرية، وبات ليلته يُعد للمعركة ويستعد لها، وأمر عددًا من
كبار الصحابة بحراسة مداخل «المدينة»، على رأسهم «على بن
أبى طالب»، و «طلحة بن عبيدالله»، و «الزبير بن العوام»،
و «عبدالله بن مسعود» رضى الله عنهم. وحدث ما توقعه
«الصديق» فبعد ثلاثة أيام فقط هاجم مانعو الزكاة «المدينة»،
فوجدوا المسلمين فى انتظارهم، فهزمهم المسلمون وردوهم
على أعقابهم إلى «ذى القصة» - شرقى «المدينة». ثم تعقبهم
«الصديق» وألحق بهم هزيمة منكرة، وفرت فلولهم، وغنم
المسلمون منهم غنائم كثيرة، واتخذ «الصديق» من «ذى القصة»
مكانًا لإدارة المعركة ضد حركة الردة كلها، وفى هذه الأثناء