للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس

*سقوط الخلافة الأندلسية وقيام دولة بنى حمود

[٣٩٩ - ٤٢٢ هـ = ١٠٠٩ - ١٠٣١ م].

استولى المهدى على الخلافة وقد ترتب على ذلك انطلاق ذوى

الأغراض، كل يحاول نيل نصيبه من البناء المتداعى. فهناك بنو أمية

يرون أنفسهم أصحاب الحق الشرعى، وهناك الفتيان العامريون

والصقالبة والجند المرتزقة وهم قوة لايستهان بها، وهناك البربر

الذين تضاعفت أعدادهم منذ عهد المنصور بعد أن استقدمهم من عدوة

المغرب، فكسبوا المال الكثير، واتخذوا الأندلس وطنًا لهم، وأبلوا بلاء

حسنًا فى الجهاد وحماية هذا الوطن، وهناك أيضًا العامة من الناس

الذين التفوا حول الخليفة الجديد، دون أن تكون لهم أغراض ثابتة،

وإنما نزعاتهم متباينة وأهواؤهم متقلبة.

بدأ المهدى عهده بالشدة فى التعامل مع البربر واحتقارهم ونزع

سلاحهم وسبهم، وانتقلت هذه الروح منه إلى العامة، فهاجموا البربر

ونهبوا دورهم وآذوهم، فشحنت نفوس هؤلاء بالغضب، كما لجأ

المهدى إلى نفى بعض الفتيان الصقالبة، فلجئوا إلى أطراف الأندلس

وعادوه ولم يسالمه منهم إلا «واضح» الذى تولى مدينة سالم والثغر

الأوسط.

أما الخليفة هشام المؤيد، فقد حبسه المهدى فى القصر، ثم أخرجه

وأخفاه فى بعض منازل قرطبة، وزاد فاستغل وفاة رجل ذمى يشبه

هشام المؤيد إلى حد كبير، وأعلن أن الخليفة المؤيد قد مات، وأشهد

على ذلك الوزراء والفقهاء، وسخر الناس من هذه الخطوة لأنهم

يعلمون أن هشام الذى دفنوه لم يمت.

ولما شعر «المهدى» أن الأمور قد استقرت له بالغ فى استهتاره

وارتكابه الموبقات، وبلغ الأمر مداه حين قتل من كان قد اختاره وليًا

للعهد ضمن آخرين، وحين أخرج من الجيش سبعة آلاف جندى وقطع

رواتبهم فأصبحوا من أهم عناصر الشغب، وحين بالغ فى اضطهاده

للبربر حتى أصبح ذلك حديث الناس فى كل مكان، بل وصل به الأمر

إلى أن منع زعيمهم «زاوى بن زيرى الصنهاجى» من دخول القصر

وأذله فخافه البربر وكسب عداوتهم، فى (رجب ٣٩٩هـ = أواخر مارس

<<  <  ج: ص:  >  >>