[*الواثق بالله]
هو «هارون بن المعتصم بالله»، يكنى «أبا جعفر» وأمه أم ولد
رومية تُسمى «قراطيس»، وكان فطنًا لبيبًا فصيحًا ينظم الشعر
ويحب الموسيقىوقد تولى «الواثق بالله» الحكم يوم وفاة والده
«المعتصم». تظهر ملامح سياسة الواثق فيما يلى: أولاً: تمسكه
بمذهب المعتزلة، حتى جعله المذهب الرسمى للدولة، مما أثار
أهل السنة ضده، إلا أنه تصدى لهم وقبض على زعمائهم. ثانيًا:
تقريبه للأتراك جريًا على سياسة والده «المعتصم»، حتى إنه
قسم البلاد بين رجلين من الأتراك، الأول «أشناس» وأعطاه
الشطر الغربى من الدولة إلى آخر بلاد «المغرب»، والثانى قائده
«إيتاخ» وأعطاه الشطر الشرقى: «دجلة» و «فارس» و «السند»،
وكان كل منهما يعين الولاة الذين يريدهم، هذا بالإضافة إلى
عدد من القادة الأتراك الذين شغلوا مناصب خطيرة، مثل: «وصيف
التركى» الذى أوكل إليه «الواثق» القضاء على ثورة المتمردين
الأكراد، و «بغا الكبير» الذى أخمد ثورة الأعراب بنواحى
«المدينة».وكان الواثق يغدق عليهم الأموال والهدايا. ثالثًا:
مصادرة أموال كبار الموظفين، مثل «أحمد بن إسرائيل»، الذى
أخذ منه ثمانين ألف دينار، و «سليمان بن وهب» كاتب «إيتاخ»،
الذى أخذ منه أربعمائة ألف دينار، وغيرهما، مما ترك آثارًا
سيئة فى الجهاز الإدارى والاستقرار المالى للدولة، وأصابهما
بالفساد والخلل. رابعًا: إحسانه إلى بعض طوائف الأمة، وفى
مقدمتهم العلويون حيث أغدق عليهم الأموال. استمر «الواثق»
فى مقعد الخلافة خمس سنين وتسعة أشهر، ثم أُصيب بمرض
الاستسقاء، ومات فى (ذى الحجة سنة ٢٣٢هـ= يوليو سنة
٨٤٧م)، وعمره اثنان وثلاثون عامًا، وقيل: ستة وثلاثون.