الفصل الثالث عشر
*سلطنة شوا الإسلامية
(٢٨٣ - ٦٨٤هـ = ٨٩٦ - ١٢٨٥م)
أسست هذه السلطنة على يد أسرة عربية تسمى «بنى مخزوم» سنة
(٢٨٣هـ = ٨٩٦م)، وليس ثمة شك فى أن هؤلاء كانوا عربًا هاجروا
إلى هذه الجهات فى ذلك الوقت المبكر، وليس بعيدًا أن يكونوا قد
نزلوا أول الأمر فى ضيافة إمارة محلية، ثم اختلطوا بالأمراء عن
طريق المصاهرة حتى آل إليهم الملك آخر الأمر.
وأيا كان الأسلوب الذى انتقل به الحكم فى «شوا» إلى هذه الأسرة
العربية المخزومية، فقد أدى ذلك إلى قيام «سلطنة شوا الإسلامية»،
التى استمرت أربعة قرون من الزمان فى الفترة (٢٨٣ - ٦٨٤هـ = ٨٩٦ -
١٢٨٥م) تمتعت فى معظمها بالأمن والاستقرار وازدهار العمران،
وكثرة المدن والقرى والنواحى، حتى إن وثيقة «تشيروللى» ذكرت
أكثر من خمسين اسمًا لمواقع كانت موجودة، ووقعت على أرضها
أحداث مهمة.
ومن أمثلة هذه المدن أو النواحى مدينة «ولِلَّه» العاصمة، ومدن هكلة
(هجلة) وجداية، ودجن، وأبتا، ومورة، وحدية (لعلها مملكة هدية
الإسلامية) والزناتير، والمحررة، وعَدَل التى أصبحت عاصمة لمملكة
إسلامية فى القرن الخامس عشر الميلادى، مما يدل على أن هذه
السلطنة اتسمت بسعة المكان وازدهار العمران وكثرة المدن والبلدان.
وهذا الازدهار العمرانى الحضارى الذى تمتعت به سلطنة شوا
الإسلامية كان نتيجة لما تملكه من أرض غاية فى الخصوبة استغلها
السكان وزرعوا فيها ما يكفى حاجتهم ويسد مطالبهم، خاصة أنه قد
استمر توافد الجماعات الإسلامية المهاجرة فى أعداد يسيرة،
واستطاعت أن تتجمع وتدعم كيان هذه السلطنة الإسلامية بزعامة
هذه الأسرة العربية التى اتخذت من «وللِّه» عاصمة لها، والتى يصعب
تحديد موضعها الآن نتيجة لكثرة التغيرات التى تعرضت لها المنطقة.
ونتيجة لهذا الإزدهار لم تكن الدولة المخزومية فى «شوا» إمارة أو
مملكة صغيرة، بل كانت سلطنة كبيرة، توالى على حكمها كثير من