[*محمود الثانى]
وُلد السلطان «محمود» سنة (١١٩٩هـ= ١٧٨٤م)، وتقلد مقاليد
الخلافة العثمانية وهو فى الرابعة والعشرين من عمره، فقلّد
«مصطفى البيرقدار» منصب الصدارة العظمى، وطلب منه إصلاح
نظام «الإنكشارية» فاعترضوا عليه، ووقع الخلاف بينهم وبين
السلطان، وأرادوا إعادة الخليفة «مصطفى الرابع» المعزول،
لكنه قتل وهم يحاصرون الصدر الأعظم فى قصره الذى أحرقوه
وهو بداخله. وقد رأى السلطان «محمود» أن نجاح الإصلاح فى
دولته يجب أن يكون شاملاً لكل النظم العثمانية ومؤثرًا فى
المجتمع، ولا يقتصر على المجال العسكرى، ولذا يجب إزالة
النظم القديمة، حتى لا تعترض طريق الإصلاح، والتخطيط الدقيق
للإصلاح، وإيجاد الضمانات اللازمة التى تكفل نجاحه قبل القيام
به. وقد نجح السلطان «محمود» فى القضاء على فرقة
«الإنكشارية»، التى قامت بالتمرد وإثارة الجماهير ضد
الإجراءات المتصلة بإصلاح الجيش، وبخاصة فيما يتعلق بارتداء
القوات الجديدة للملابس الأوربية، لكن الشعب العثمانى وقف
ضدهم، فى الوقت الذى استعد فيه السلطان «محمود»
لمواجهتهم، مما مكنه من القضاء عليهم تمامًا، وأنشأ جيشًا قويا
يتولى إمرته قائد عام، كان قوامه (١٢٠٠٠) جندى فى العاصمة،
وقوات أخرى فى الولايات. وكما ارتبط التعليم لدى «محمد
على» بالجيش ارتبط بالجيش أيضًا عند «محمود الثانى»، الذى
حاول الاقتداء بواليه الناجح، فأرسل البعثات إلى «أوربا»
لتلقى العلوم العسكرية خاصة، وأنشأ المدارس الحديثة، وعنى
بتعليم اللغتين العربية والفرنسية والجغرافيا، والتاريخ
والرياضيات والعلوم. وحاول السلطان إصلاح أجهزة الدولة
المركزية، فوضع الأوقاف تحت إشرافه، وألغى «التيمارات»،
وضمها إلى أملاك السلطان، وأجرى أول إحصاء للأراضى
العثمانية فى العصر الحديث، وأجرى تحسينات على شبكة
المواصلات، فأنشأ كثيرًا من الطرق الجديدة، وأدخل البرق،
وخطوط السكك الحديدية، كما أنشأ جريدة رسمية للدولة. وبعد