[*المهدى العباسي]
هو «محمد بن عبدالله بن محمد» وُلد بالحميمة سنة
(١٢٦هـ=٧٤٣م)، وقد هيأه والده «المنصور» وأعده ليكون جديرًا
بمنصب الخلافة من بعده، فنشأ على ثقافة عربية واسعة،
ودراية بفنون الحرب وأساليب الإدارة. وعقب وفاة «المنصور»
بويع «المهدى» بيعة خاصة من قبل الزعماء بمكة، ثم بايعه
جمهور المسلمين فى «بغداد» فى (ذى الحجة سنة ١٥٨هـ=
أكتوبر سنة ٧٧٥م). اختلفت سياسة «المهدى» عمن سبقه،
فاتسم عهده بالاستقرار والهدوء والتسامح والصفح، فأطلق
سراح المسجونين السياسيين، واهتم بإقرار العدل بين الناس،
وجلس للنظر فى مظالم الناس مستعينًا بالقضاة، وأمر بالإنفاق
على مرضى الجذام؛ حتى لا يختلطوا بالناس فتصيبهم العدوى،
كما اهتم اهتمامًا خاصا بالحرمين الشريفين وبكسوة «الكعبة».
وقد عفا «المهدى» عن بعض آل البيت ومنحهم الأموال
والإقطاعات، وحينما أدى فريضة الحج سنة (١٦٠هـ= ٧٧٧م) وزع
أموالاً كثيرة على أهل «مكة» و «المدينة»، وأصدر عفوًا عاما
عمن عاقبهم «المنصور» من أهل «الحجاز»؛ لمشاركتهم فى
الثورة العلوية، واختار خمسمائة من رجال الأنصار وكوَّن منهم
حرسه الخاص، كما قام ببث العيون والجواسيس بالبلاد لرصد أى
تحرك معادٍ للدولة، ورغم ذلك فقد حاول بعض العلويين مثل
«عيسى بن زيد بن على» و «على بن العباس بن الحسن» القيام
بثورة ضد الخلافة العباسية، لكنها لم تنجح؛ حيث عاجلهما
الموت. واجه «المهدى» عدة ثورات من الخوارج وقضى عليها
بحزمه وسرعة مواجهته، كان «المنصور» قد ترك بعد وفاته فى
بيت المال أربعة عشر مليون دينار وستمائة مليون درهم، قام
«المهدى» بتوزيعها على الناس؛ فشاع بينهم الترف والنعيم
واللهو واللعب، كما اتبعه الناس فى حبه للآداب والفنون؛ فارتقت
الآداب والفنون، وسادت بين طبقات الشعب، وكان «المهدى»
أول خليفة يُحمل إليه الثلج إلى «مكة» فى الحج، كما كان
مترفًا فى ملبسه ومأكله. تُوفِّى «المهدى» سنة (١٦٩هـ= ٧٨٥م)