[*القادر بالله (خليفة عباسى)]
هو «أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر»، اختاره «بهاء
الدولة» بعد خلع «الطائع لله» لتولِّى الخلافة، وكان غائبًا عن
«بغداد»، فلما وصله الخبر حضر إليها وبايعه «بهاء الدولة»
والناس فى (رمضان سنة ٣٨١هـ= نوفمبر سنة ٩٩١م)، وعمره
خمسة وأربعون عامًا. كان الخليفة «القادر بالله» يتحلى بصفات
جعلته إحدى الشخصيات المتميزة فى تاريخ «الخلافة
العباسية»، فقد كان راجح العقل وافر الحلم، مؤثرًا للخير، ظاهر
الكرم، جميل الأخلاق، آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، كما
كان شغوفًا بالعلم محبا لأهله، مستقيم الطريقة فى الدين بعيدًا
عن البدعة، متواضعًا، عزوفًا عن مظاهر الأبهة والتكلف، فكان
يخرج من داره فى زىِّ العامة، ويزور قبور الصالحين، وكان
عادلاً وصولاً ظاهر البر باليتامى والمساكين، قوى الشخصية،
يحظى بالاحترام والتبجيل؛ فلم يتعرض لما تعرض له غيره من
السابقين له من مهانة خلال فترة اضمحلال الخلافة، ورغم ما
تعرضت له الخلافة من ظروف وأحداث وتغلغل نفوذ الترك والفرس
فإن «القادر بالله» استغل كل ما أتيح له من إمكانات، وقدَّم
أفضل نموذج يمكن أن نتوقعه لخليفة عباسى فى ضوء تلك
الظروف. تُوفِّى «القادر بالله» فى شهر (ذى الحجة سنة ٤٢٢هـ =
نوفمبر سنة ١٠٣١م) وعمره سبع وثمانون سنة، ودامت خلافته
واحدًا وأربعين عامًا، فكانت أطول مدة يقضيها خليفة عباسى
فى هذا المنصب حتى عصره.