الفصل الرابع عشر
*سلطنة أوفات الإسلامية
[حوالى ٦٤٨ - ٨٠٥هـ = ١٢٥٠ - ١٤٠٢م]:
كانت الحركة الإسلامية قد ازدادت قوة فى بلاد الزيلع منذ القرن
العاشر الميلادى. وبلاد الزيلع هى البلاد التى تحيط بهضبة الحبشة من
الشرق والجنوب الشرقى، وتتمثل الآن فيما يعرف بإريتريا وجيبوتى
والصومال الكبير بأقسامه الثلاثة: الشمالى والجنوبى والغربى،
المعروف باسم إقليم «أوجادين»، يضاف إلى ذلك كل المناطق
الإسلامية التى ضمتها الحبشة بالغلبة والقوة قرب نهاية القرن التاسع
عشر الميلادى.
فى هذه البقعة الواسعة التى تنحصر بين ساحل البحر الأحمر وخليج
عدن وبين هضبة الحبشة قامت مراكز تجارية عديدة على الساحل
وانتشرت أيضًا فى الداخل، وتحولت فى النهاية إلى إمارات وممالك
إسلامية نامية تحدث عنها المؤرخون القدامى، وقالوا إنها كانت سبع
ممالك هى: «أوفات» و «هدية» و «فطجار» و «دارة» و «بالى»
و «أرابينى» و «شرخا»، وامتدت هذه الممالك إلى «هرر» وبلاد
«أروسى» جنوبًا حتى منطقة البحيرات، مطوقة الحبشة من الجنوب
والشرق.
غير أن هذه الممالك والسلطنات التى قامت فى شرق الحبشة
وجنوبها تختلف عما رأيناه فى أقطار إفريقية أخرى فى هذه
المرحلة من التطور؛ إذ لم تكن هذه السلطنات إفريقية خالصة،
أسستها أسرات من أهل البلاد الأصليين الذين أسلموا، كما حدث فى
«مالى» و «صنغى» و «كانم وبرنو»، إنما أسستها أسرات عربية
الأصل، فسلاطين «أوفات» وسلاطين «شوا» وغيرها يمثلون
أرستقراطية عربية مهاجرة، استقرت فى هذه الجهات ونمت ثروتها
وازداد نفوذها واستولت على حكم البلاد وكانت الرعية مسلمة ومن
أهل البلاد الأصليين.
وكانت العلاقات بين هذه الإمارات متوترة تسودها المنافسات
القبلية، ولم يكن بينها من رابط سوى الصلة الروحية فقط، وكانت من
الضعف بحيث إن أمراءها لايتولون العرش - فى كثير من الأحيان - إلا
بموافقة ملك الحبشة المسيحى، وليس معنى ذلك أن مسلمى تلك