للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[* الحكم الأول بن هشام]

أحد حكام الأندلس فى فترة الإمارة الأموية، تولى الحكم سنة

(١٨٠هـ = ٧٩٦م) بعد أبيه هشام بن عبد الرحمن الداخل. بدأ عهده

بالجهاد ضد البشكنس (ثافارا)، لكنه اضطر إلى تركه لمواجهة

الثورات التى اشتعلت ضده فى الثغر الأعلى سنة (١٨١هـ =

٧٩٧م)، وكان عمَّاه «سليمان» و «عبدالله» قد أتيا إليها سرا

واتصلا بملك الفرنج وطلبا مساعدتهما، ولما علم «الحكم» سار

بجيوشه إلى الشمال، فاضطر الفرنج إلى الانسحاب، فأحكم

سيطرته على هذه المناطق، وفى هذه الآونة حاول عمَّاه

الإغارة على قرطبة، فعاد الحكم وهزمهما، وقتل «سليمان»،

على حين فرَّ «عبد الله» إلى «بلنسية» والتزم الهدوء طوال فترة

الحكم. ولم يكن الحكم الربضى كأبيه محبا للعلماء والفقهاء،

فتراجعت مكانتهم فى زمنه وآثر عليهم حضور مجالس الإماء

والشعراء، وانصرف إلى حياة اللهو والصيد. ويُعدُّ الحكم أول من

أظهر هيبة الملك بالأندلس وفخامته، ورتَّب للبلاط نظمه ورسومه،

واستكثر من الموالى، فظهر «الصقالبة» بكثرة فى بلاطه،

وأسند إليهم معظم شئون الحكم والحرس الخاص، ووصل بهم إلى

مراتب القيادة والرياسة، كما كانت له شرطة قوية وعيون على

الناس. وضمَّت حكومته شخصيات بارزة فى تاريخ الأندلس، منهم:

«ابن مغيث» الذى تولَّى حجابته، واستحدث منصبًا يهتم بشئون

أهل الذمة، سمَّى شاغله بالقومس أو «القمط». وعلى الرغم من

اشتعال الفتن والثورات فى عهد الحكم، فقد ازدهرت العلوم

والآداب ونبغ عدد كبير من الكتاب والشعراء والعلماء، منهم

«عباس بن ناصح الثقفى»، وابنه «عبدالوهاب»، و «أبو القاسم

عباس بن فرناس»، و «يحيى الغزال». فى أواخر عهد الحكم

اشتعلت فى «قرطبة» ثورة عنيفة سميت ثورة الربض، بسبب

كراهية «المولِّدين» للحاكم، وبغضهم له لصرامته وقسوته،

واتهامهم له بممارسة اللهو والشراب، والمبالغة فى فرض

الضرائب، وعلى الرغم من نجاح «الحكم» فى القضاء على هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>