للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن

*الأندلس فى ظل الموحدين

[٥٣٩ - ٦٢٠ هـ = ١١٤٤ - ١٢٢٣ م].

تمكن الموحدون من قتل أبى إسحاق إبراهيم بن تاشفين بن على بن

يوسف، وتم لهم بذلك القضاء على المرابطين، وفى سنة (٥٥٥هـ =

١١٦٠م) عبر «عبدالمؤمن بن على» أول خلفاء الموحدين إلى الأندلس؛

لضم ما بقى بها إلى دولته، واستقر فى إشبيلية، ونظم الدفاع عن

البلاد، وأقام على قواعد الأندلس رجالا من آل بيته، وتمكن من توحيد

معظم ما بقى من الأندلس تحت رايته، ولم يخرج عن طاعته إلا بنو

غانية أمراء دانية، ومحمد بن سعد بن مراديشن رئيس مرسية الذى

انضمت بلاده إلى الموحدين بعد ذلك، وبدأ جهاد المسلمين ضد

النصارى واتخذ ميدانًا له غربى الأندلس بعد أن كان مجاله شرقى

الأندلس زمن المرابطين.

كان الخليفة الموحدى أبو يوسف يعقوب الملقب بالمنصور هو أكبر

شخصية فى تاريخ الموحدين بعد محمد بن تومرت وعبدالمؤمن بن

على قد عقد صلحًا مع النصارى، وعندما انتهت مدة هذا الصلح سنة

(٥٩٠هـ = ١١٩٤م) بدأ هؤلاء فى مهاجمة أراضى المسلمين، فعبر أبو

يوسف يعقوب إلى الأندلس ومعه خيرة المقاتلين الموحدين وضم إليه

أحسن مقاتلى الأندلس، وحشد حشدًا عظيمًا من جنده وحمسهم فى

هذه الحملة، بينما استعان عدوه «ألفونسو الثامن» ملك قشتالة

وليون بملوك النصارى وبالبابوية، وكون جيشًا ضخمًا، وعسكر عند

حصن يسمى «الأرك» عند نهاية الطريق المؤدى من طليطلة إلى

قرطبة على بعد (٢٠كم) بالقرب من قلعة «رباح» وغرب المدينة

الملكية الآن، وبدأت موقعة حاسمة فى (شعبان ٥٩١هـ = يوليو

١١٩٥م) أسفرت عن نصر مؤزر للمسلمين، وانكسرت حدة الموجة

النصرانية، وكان لهذا النصر أثره فى تثبيت جبهة الإسلام فى الأندلس

لمدة طويلة من الزمان.

وبعد هذه الهزيمة عقدت هدنة بين المسلمين والنصارى سنة (٥٩٤هـ =

١١٩٨م)، ولكن ملك النصارى ما كان ليستريح بعد هزيمته القاسية

فى «الأرك»، ولذلك أخذ فى الاستعداد لمعركة جديدة مع المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>