[*عبد الرحمن الناصر]
هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الملقب بالناصر، تولى حكم
الأندلس فى (ربيع الأول سنة ٣٠٠هـ = أكتوبر ٩١٢م) بعد أن
بايعه الجميع بنفس راضية فى المجلس الكامل بقصر قرطبة مع
وجود كثير من أعمامه، لكن «عبدالرحمن» اكتسب محبة الناس
بحسن أخلاقه وتوسطه بين الأمراء وأهل الدولة وبين جده فنال
محبتهم وولاءهم، وكان عليه أن ينهض بمهمة ثقيلة، فقد تعرضت
الإمارة للثورات من كل ناحية حتى أصبحت لايحسد عليها
صاحبها، ولعل هذا أحد الأسباب التى جعلت أعمام «عبدالرحمن»
ينصرفون عن منافسته، لشعورهم بعظم المسئولية التى تنتظر
من يتولى الإمارة. وقد نجح عبد الرحمن الناصر فى القضاء على
ثورة عمر بن حفصون وتوحيد الأندلس التى تنازعتها الفتن
والثورات لفترات طويلة، كما نجح فى غزو إمارات النصارى فى
الشمال وتأمين البلاد من أخطارهم. عندما تولى الناصر، وجد أن
هناك دولة فاطمية قامت فى بلاد الشمال الإفريقى، ووصل
نفوذها إلى شواطئ المغرب الأقصى، وقد اتخذ حكامها
لأنفسهم لقب الخلافة وسماتها، وإذا كان هو قد نهض بالدولة
ووطد سلطان بنى أمية فى كل الأندلس فلماذا لايكون من حقه
لقب خليفة؟ لذلك أصدر أمرًا بذلك فى يوم الجمعة مستهل (ذى
الحجة سنة ٣١٦هـ = أوائل ٩٢٩م) وأصبح عبدالرحمن الثالث يلقب
بالخليفة أمير المؤمنين الناصر لدين الله، وقد أرسلت نسخ من
هذا الإعلان إلى إفريقية والمغرب، وبذلك أصبحت الخلافة الأموية
مساوية للخلافة العباسية، ويناط بها رعاية شئون المسلمين،
وتولية أمر الإسلام فى الجناح الغربى من العالم الإسلامى. ورغم
ميل الناصر إلى الاستبداد فإنه لم يعرف عنه أنه كان ظالمًا، ولم
تذكر المصادر أنه قتل وزيرًا أو صادر مالا أو اعتدى على حق
لأحد أو بالغ فى عقوبة، وربما كان الوحيد بين خلفاء المسلمين
بالأندلس فيما يتعلق بتصرفاته فى الخلافة وسلوكه بما يتفق مع