[*يزيد بن الوليد بن عبدالملك]
هو أول أموى من أم غير عربية يتولَّى الخلافة، فأمه فارسية
تُدعى «شاه أفريد بنت فيروز بن يزدجرد الثالث» آخر ملوك
الفرس. تولَّى الخلافة بعد مقتل ابن عمه «الوليد بن يزيد» سنة
(١٢٦هـ)، وحاول أن يظهر الصلاح والتقوى، ويتشبه بعمر بن
عبدالعزيز فى عدله وزهده، ليمحو من أذهان الناس فعلته
الشنعاء بابن عمه، لكنه لم ينجح فى ذلك، إذ اضطربت عليه
الأمور، ونقم عليه الجند بعد أن أنقص أعطياتهم التى كان قد
زادها الخليفة السابق، ولقَّبُوه «يزيد الناقص». وقد اضطربت
الدولة فى عهده اضطرابًا شديدًا، وجرَّ عليها بفعلته كوارث لا
قِبَل لها بها، وشغل أبناء الأسرة الأموية فى صراعات داخلية
دمويّة، فى الوقت الذى كانوا فيه أحوج الناس إلى الوحدة
والتضامن إزاء الدعوة العباسية التى نشطت استعدادًا للانقضاض
على الدولة. وزاد الأمر سوءًا أن «يزيد» عجز عن المحافظة على
سياسة التوازن بين القبائل العربية التى انتهجها عمه «هشام بن
عبدالملك»؛ فانحاز إلى أهل «اليمن» الذين ساعدوه فى الثورة
على «الوليد»؛ مما أغضب عرب «قيس»، فثاروا عليه فى الشام
معقل «بنى أمية»، ثم أخذ الخلل والاضطراب يسريان فى جميع
أقاليم الدولة. وفى ظل هذه الأحداث الهائجة، والأجواء العاصفة
توفى «يزيد» فجأة فى نهاية سنة (١٢٦هـ)، بعد حكم لم يتجاوز
ستة أشهر، تاركًا الدولة غارقة فى حالة من الفوضى والغليان.