للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*عثمان بن فودى]

وُلد الشيخ عثمان بن فودى فى عام (١١٦٨هـ= ١٧٥٤م) فى

مملكة غوبير - وهى إحدى ممالك الهوسا فى شمالى نيجيريا -

لأبوين صالحين ينتميان إلى إحدى قبائل شعب الفولانى الذى

كان يسكن وقتذاك هذه البلاد. وقد نشأ الشيخ عثمان نشأة

دينية إسلامية، وأولع منذ صغره بالعبادة والعلم، وارتحل فى

طلب العلم حتى شهد بفضله وعلمه علماء زمانه، وارتحل إليه

الطلاب للاستفادة من علمه الغزير، وكان الشيخ عثمان يتعهدهم

لا بتحصيل العلم وحده ولكن بتنشئتهم على منهج الإسلام فى

سلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم؛ فأوجد جيلاً من الطلاب والعلماء

يدينون له بالطاعة والولاء، وبفضلهم اتسعت دعوته التى كانت

موجهة للمسلمين بهدف تصحيح إسلامهم، وإلى غير المسلمين

بهدف إدخالهم فى الإسلام، وإلى المجتمع بهدف إقامة شريعة

الإسلام. ثم انتقل الشيخ عثمان بعد ذلك إلى مرحلة تالية، وهى

الهجرة إلى واحة تقع على حافة الصحراء فى شمال غوبير

بهدف إقامة رباط يتجمع فيه أتباعه والمخلصون لدعوته بعد أن

اضطهده ملك جوبير؛ فهاجر إليه ما يربو على (٥٠٠٠) حيث

بايعوه فى عام (١٨٠٤م) بالإمارة، وعلى اتباع الكتاب والسنة،

وعلى نصرة دين الله تعالى. ولم يلبثْ عثمان أن اختار وزراءه،

وعين قائدًا لجيشه، وإمامًا لصلاته. ولما علم بذلك ملوك بلاد

الهوسا تضافروا جميعًا وعلى رأسهم ملك جوبير على القضاء

على الشيخ عثمان ودعوته، وجردوا عليه عدة حملات عسكرية؛

فأعلن الشيخ الجهاد ضدهم، وظل يجاهدهم حتى قضى على

حكمهم الذى كان يخالف الإسلام فى كثير من مظاهره، وقامت

على يديه دولة إسلامية كبرى هى دولة الفولانيين، اتخذت من

مدينة سوكوتو عاصمة لها، واستطاعت أن تصبغ السودان

الأوسط الذى يمتد من نهر النيجر إلى بحيرة تشاد بصبغة الإسلام

التى لازال يتميز بها حتى الآن. كما زحفت قواته شرقًا إلى دولة

البرنو الإسلامية التى كان قد أصابها الضعف والانحلال منذ

<<  <  ج: ص:  >  >>