[*المغرب (فتح)]
لما ولى «عبدالله بن سعد بن أبى السرح» ولاية «مصر» من قبل
«عثمان بن عفان»؛ كتب إليه أن الروم الذين لا يزالون يسيطرون
على «شمال إفريقيا» يغيرون على حدود «مصر» الغربية، ولابد
من مواجهتهم قبل أن يتجرءوا ويهاجموا «مصر» نفسها، فاقتنع
«عثمان» بعد أن استشار كبار الصحابة، وأذن له بتجريد حملات
عسكرية لردعهم وكف عدوانهم، كما أرسل إليه جيشًا من
«المدينة» مددًا، يضم عددًا من الصحابة كابن عباس، و «عبد الله
بن الزبير» رضى الله عنهما. وفى سنة (٢٧هـ = ٦٤٧م) انطلق
جيش المسلمين بقيادة «عبدالله بن سعد»، وتوغل غربًا حتى
وصل إلى «قرطاجنة» عاصمة إقليم «تونس» فى ذلك الوقت،
ودارت عدة معارك بين المسلمين وبين ملكها «جريجوار»
أو «جرجير» كما تسميه المصادر العربية، انتهت بانتصارالمسلمين
وقتل الملك «جريجوار» على يد «عبدالله بن الزبير». ولم تكن
تلك الحملة تهدف إلى الاستقرار، بل إلى ردع العدوان، ولذا
اكتفى «عبدالله بن سعد» بعقد معاهدات صلح مع زعماء تلك
البلاد تعهدوا فيها بدفع مبلغ كبير. وصل المسلمون فى أواخر
خلافة «عثمان» إلى «تونس» الحالية، لكنهم لم يواصلوا
فتوحاتهم بسبب الفتن التى استمرت حتى نهاية خلافة «على بن
أبى طالب» (٣٦ - ٤٠هـ)، فلما استتب الأمر لمعاوية سنة (٤١هـ)،
كانت جبهة «شمالى إفريقيا» أولى الجبهات التى اهتم بها،
لأنها كانت تخضع لنفوذ الدولة البيزنطية التى عزم على تضييق
الخناق عليها، فأرسل سنة (٤١هـ) حملة إلى «شمالى إفريقيا»
بقيادة «معاوية بن حديج»، ثم أرسله على رأس حملة أخرى
سنة (٤٥هـ)، فاستطاع أن يفتح العديد من البلاد، مثل «جلولاء»
و «سوسة». أسند «معاوية بن أبى سفيان» قيادة الجيش الفاتح
إلى «عُقبة بن نافع»، وهو واحد من كبار القادة الذين لمعت
أسماؤهم فى الفتوحات الإسلامية فى العصر الأموى، ولم يكن
«عُقبة» جديدًا على الميدان، فقد شارك فى فتح تلك البلاد منذ