٦ - سليمان بن عبدالملك (٩٦ - ٩٨هـ):
هو «سليمان بن عبدالملك بن مروان»، وُلد فى «المدينة»، ونشأ فى
الشام، وبُويع له بالخلافة فى اليوم الذى تُوفِّى فيه أخوه «الوليد بن
عبدالملك».
كان «سليمان» من أفضل أولاد «عبدالملك»، ومن أكبر أعوان أخيه
«الوليد» أثناء خلافته، وولى له «فلسطين»، وصفه «الذَّهبى» بقوله:
«من أمثل الخلفاء - يعنى من أفضلهم - نشر علم الجهاد، وكان ديِّنا
فصيحًا مفوَّهًا، عادلا محبا للغزو، استعان فى إدارة دولته وتصريف
شئونها بعظماء الرجال وصالحيهم، من أمثال: ابن عمه «عمر بن
عبدالعزيز»، و «رجاء بن حيوة».
حافظ «سليمان» على هيبة الدولة ومكانتها، فواصل الجهاد
والفتوحات، وأرسل جيشًا بقيادة أخيه «مسلمة بن عبدالملك» لحصار
«القسطنطينية»، وأشرف بنفسه على هذه الحملة، حيث اتخذ من
مدينة «مرج دابق» شمالى الشام مركز قيادة له؛ ليكون على مقربة
من ميدان المعارك الحربية.
اهتم الخليفة «سليمان بن عبدالملك» بفتح «القسطنطينية» اهتمامًا
كبيرًا، وجهَّز لذلك جيشًا ضخمًا، بلغ زهاء مائة ألف جندى، ومزودًا
بنحو ألف وثمانمائة سفينة حربية، وأسند قيادته إلى أخيه «مسلمة
بن عبدالملك»، واتخذ هو من مدينة «مرج دابق» شمالى الشام مركز
قيادة، يتابع منه أخبار الجيش وسير عملياته.
وقد حاصر الجيش المدينة مدة عام كامل (٩٨ - ٩٩هـ) دون جدوى، فقد
استعصت المدينة على السقوط، على الرغم من الاستعدادات الكبيرة
للجيش الإسلامى وتضحياته الجسيمة.
ولم تكن هذه الحملة والحملتان اللتان تمتا في عهد معاوية برغم
عجزهم عن فتح «القسطنطينية» بغير فائدة، فقد شغلت الدولة
البيزنطية بالدفاع عن نفسها وعن عاصمتها، وجعلت الاستيلاء عليها
أملا إسلاميا لم يخبُ نوره أو تنطفئ جذوته عبر القرون، حتى حقَّقه
السلطان العثمانى «محمد الفاتح» سنة (٨٥٧هـ = ١٤٥٣م)، وشيد
مسجدًا بالقرب من قبر «أبى أيوب الأنصارى» أول شهيد إسلامى
هناك.