للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - هشام بن عبدالملك (١٠٥ - ١٢٥هـ):

هو «هشام بن عبدالملك بن مروان»، رابع أبناء «عبدالملك» الذين

ولوا الخلافة، أمه «أم هاشم بنت إسماعيل المخزومى»، وُلد فى

«دمشق» سنة (٧٢هـ)، وبويع له بالخلافة سنة (١٠٥هـ).

ومع أن المصادر التاريخية لم تحدثنا كثيرًا عن حياته قبل الخلافة،

وعمَّا إذا كانت له مشاركة فى تسيير أمور الدولة أم لا، فإنها تجمع

على أنه كان ذا رأى وبصيرة، وحكمة وفطنة، حازمًا ذكيا، له بصر

بالأمور، جليلها وحقيرها، محشوا عقلا على حسب تعبير «الطبرى».

وكان من حسن الطالع للدولة الأموية وللمسلمين أن يخلف «هشام بن

عبدالملك» أخاه «يزيد»، فقد ظل فى الخلافة نحو عشرين عامًا،

أدار فيها الدولة بكفاءة عالية، وأظهر حكمة سياسية فى تعامله مع

الكتلتين العربيتين الرئيسيتين فى الدولة، وهما عرب الجنوب (اليمن)،

وعرب الشمال (قيس)، فلم يتحيز إلى كتلة ضد الأخرى، واحتفظ

بعلاقة طيبة معهما ومع الجميع بصفة عامة، ولعل هذه السياسة هى

التى كفلت للدولة الاستقرار النسبى طوال حكمه.

وقد تمتع «هشام» بعديد من الصفات اللازمة لرجل الدولة، من حلم

وتسامح وسعة صدر، وعدل وحزم، أما أبرز صفاته الإدارية على

الإطلاق فهى قدرته الفائقة على تدبير الأموال وحسن التصرف فيها،

مع تحرى العدل فى جمعها وإنفاقها على حد سواء، فنعمت الدولة

فى عهده باستقرار مالى كبير.

وأظهر «هشام» كفاءة عالية ومقدرة فائقة فى إدارة الشئون

الخارجية للدولة، فحافظ على هيبتها فى عيون أعدائها، وبخاصة

الدولة البيزنطية.

ثورة زيد بن علي بن الحسين:

لم يعكر صفو الدولة فى عهد «هشام» سوى ثورة «زيد بن على بن

الحسين بن على» سنة (١٢١هـ)، حين حرّضه العراقيون على الثورة

ضد «هشام»، والخروج عليه، ثم تخلَّوا عنه كما فعل أسلافهم مع

جده «الحسين بن على» وكانت قد مضت فترة امتدت إلى أكثر من

نصف قرن، منذ مصرع «المختار الثقفى» سنة (٦٧هـ)، دون أن يقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>