[*آباقا خان]
يعد «هولاكو» المؤسس الأول لسلسلة سلاطين المغول فى
«إيران» و «العراق» الذين ظلوا يحكمون هذه البلاد من سنة
(٦٥٤هـ) حتى سنة (٧٥٦هـ)، وقد تُوفى «هولاكو» سنة
(٦٦٣هـ)، وخلفه ابنه «آباقا خان» فى حكم البلاد، التى امتدت
من «نهر جيحون» حتى «العراق العربى» غربًا، ومن جنوبى
روسيا شمالا حتى «البحر العربى» جنوبًا. وقد جنحت الدولة
الإيلخانية منذ إنشائها إلى الاستقلال عن العاصمة المغولية، فى
أمور السياسة والحكم - منذ عهد «آباقا خان» - وكأن حكامها
مستقلون تمامًا عن العاصمة قراقورم. اتخذ «آباقا» من «تبريز»
عاصمة له، فاحتلت فى عهده مكانة ممتازة، وجعل «آباقا»
قائده الأمير «سونجاق» واليًا على «العراق» وإقليم «فارس»،
ففوض هذا الأمير بدوره المؤرخ «علاء الدين عطا ملك الجوينى»
فى حكم «العراق»، وعهد «آباقا» بمنصب الوزارة إلى «شمس
الدين محمد الجوينى» أخى «علاء الدين»، فكانا سببًا من
أسباب ازدهار دولة «آباقا»، وعلى الرغم من الجهود الذى بذلها
الجوينيون فى خدمة هذه الدولة وتوطيد أسسها، ودعم
أركانها، فإنهم تعرضوا - فى نهاية الأمر - لنكبة تشبه نكبة
البرامكة عندما تكاثر عليهم الأعداء والخصوم، وقُتل الجوينيون
جميعًا فى عهد «أرغون» سنة (٦٨٣هـ) الذى قضى على جميع
أفراد هذه الأسرة. تزوج «آباقا» ابنة امبراطور «القسطنطينية»،
فتوطدت علاقته بالنصارى، وأكثر من القساوسة فى بلاطه،
على الرغم من أنه كان إلى ذلك الوقت وثنيا، وحرص
المسيحيون على مداهنة المغول واجتلابهم نحو المسيحية؛ أملا
فى انضمام هؤلاء المحاربين الأشداء إلى صفوف النصارى
ومحاربة أشد أعدائهم، المسلمين. وفى الوقت نفسه كان
«آباقا» يريد من وراء توطيد علاقته بالمسيحيين أن يحصل على
معاونتهم فى حربه ضد المسلمين، وخاصة المماليك، ليثأر لهزيمة
المغول أمامهم فى «عين جالوت»، غير أن محاولاته ذهبت
جميعها عبثًا، ولحقت به الهزائم فى كل مرة التقت فيها جيوشه