الجزء الثاني
[العصر الأموي]
تأليف:
أ. د. عبد الشافي محمد عبد اللطيف
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر
الفصل الأول
*قيام الخلافة الأموية وتطورها
قامت الخلافة الأموية رسميا فى شهر ربيع الأول من سنة (٤١هـ)، بعد
أن تنازل (الحسن بن على بن أبى طالب) - رضى الله عنه - عن
الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان -رضى الله عنه - وبايعه هو وأخوه
(الحسين)، وتبعهما الناس فى (الكوفة)، وأصبح بذلك (معاوية) خليفة
للمسلمين وحده، ولُقِّب بأمير المؤمنين، وكان قبل ذلك يلقَّب بالأمير
فقط.
واستبشر المسلمون خيرًا بهذا التطور، وحمدوا الله - تعالى - على
انتهاء الفتن والحروب، وسمُّوا ذلك العام عام الجماعة؛ حيث عادت
إلى الأمة الإسلامية وحدتها، واجتمع شملها على خليفة واحد، بعد
الفرقة والنزاع، ولقى ما فعله (الحسن بن على) كل تقدير وإجلال من
جمهور المسلمين، وأثنى عليه كثير من العلماء، ورأوا فيما أقدم
عليه تحقيقًا لنبوءة جده (محمد) حين قال: (إن ابنى هذا سيد، ولعل
الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين - صحيح البخارى
تطور نظام الخلافة فى العصر الأموى:
عرفنا فيما سبق كيف قامت الخلافة الإسلامية عقب وفاة الرسول
- صلى الله عليه وسلم - وكيف كان يتم اختيار الخليفة فى دولة
الراشدين بالبيعة المباشرة من المسلمين لخليفتهم، بعد أن يرشحه
عدد من الصحابة، كما حدث فى خلافة الصديق، حيث بايعه عدد من
الصحابة فى (سقيفة بنى ساعدة) بيعة خاصة، كانت بمثابة ترشيح
له لمنصب الخلافة، ثم جاءت البيعة العامة له فى مسجد الرسول - صلى
الله عليه وسلم - - بعد مواراة جسده الطاهر تحت الثرى - لتزكى ذلك
الترشيح وتوافق عليه، ومن ثم أصبح (أبو بكر الصديق) أول خليفة
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حكم الدولة الإسلامية، باختيار
حُر من المسلمين.
وعندما مرض (أبو بكر) -رضى الله عنه - مرض الموت قال للمسلمين:
(إنه قد نزل بى ما ترون - يعنى المرض الشديد - ولا أظننى إلا ميِّتًا
لما بى من المرض، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتى، وحلَّ عنكم