[*المدائن (فتح)]
وقعت بين المسلمين والفرس معركة فى المدائن سنة (١٦هـ)،
واستطاع المسلمون خلالها السيطرة على المدائن عاصمة الفرس؛
فبعد فراغ سعد بن أبى وقاص من فتح القادسية أقام شهرين،
ثم كاتب عمر بن الخطاب فيما يفعل، فأمره بالسير إلى المدائن
وفتحها، فقابل سعد بعض جيوش الفرس، فقاتلهم، وأقام فترة
ببابل، ثم أرسل أحد قواده فاستطاع فتح المدائن الغربية ثم
سار إلى المدائن الشرقية التى يوجد فيها إيوان كسرى؛ حيث
عبر «سعد» نهر «دجلة» من أضيق مكان فيه بنصيحة «سلمان
الفارسى» على خيولهم، فلما رأى الفرس ذلك هربوا إلى حلوان
وأخذوا ما استطاعوا من متاع، ودخل سعد بن أبى وقاص إيوان
كسرى وكان قبل أيام قليلة يهدد المسلمين ويتوعدهم من قصره
الأبيض، مقر ملك الأكاسرة، الذى كان آية من آيات الفخامة
والبهاء. وفى ذلك القصر صلى «سعد ابن أبى وقاص» صلاة
الشكر لله على هذا الفتح العظيم وتلا فى خشوع قول الله
تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة
كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قومًا آخرين فما بكت
عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين}. [الدخان: ٢٥ - ٢٩]. وغنم
المسلمون غنائم كثيرة فى فتح المدائن، منها: كنوز كسرى
وتاجه وثيابه وأساوره، وأدى المسلمون الأمانات التى كانت
لديهم، فقال عمر بن الخطاب عند ذلك: إن قومًا أدوا هذا لذوو
أمانة. وأخذ سراقة بن مالك سوارى كسرى اللذين وعده بهما
النبى. وكان سهم الفارس (١٢) ألف درهم. أرسل «سعد» إلى
«عمر بن الخطاب» رسولا يبشره بالنصر وبما حازوه من غنائم،
ويطلب منه السماح لهم بمواصلة الفتح فى بلاد فارس، لكن
«عمر» رفض ذلك، وقال له: «وددت لو أن بيننا وبينهم سدًا من
نار، لا يصلون إلينا ولا نصل إليهم، حسبنا من الأرض السواد - أى
أرض العراق- إنى آثرت سلامة المسلمين على الأنفال».