[*محمد بن طغج الإخشيد]
هو «محمد بن أبى بكر بن طغج (معناها فى التركية:
عبدالرحمن) بن جق»، أحد أبناء ملوك «فرغانة» ببلاد «ما وراء
النهر»، وكان الملوك فى هذه البلاد يتخذون من لفظة «الإخشيد»
لقبًا لهم، فأطلق هذا اللقب على «محمد بن طغج»، وتسمت به
دولته، وعُرفَت باسم «الدولة الإخشيدية». اتصل «جق» جد
«الإخشيد» بالخلفاء العباسيين، أما «طغج» والده؛ فقد كان
على درجة عظيمة من الثراء وسعة العيش، واتصل بخدمة
الطولونيين فى عهد «خمارويه»؛ الذى ولاه على «دمشق»
و «طبرية»، فلما سقطت الدولة الطولونية، تولَّى «محمد ابن
طغج» ولاية «دمشق»، ثم أُضيفت إليه ولاية «مصر»، ولكنه أناب
عنه من يحكمها، ولم يغادر «دمشق»، ولكن محاولات الفاطميين
للسيطرة على «مصر» جعلت الخليفة العباسى «الراضى» يطلب
من «ابن طغج» أن يقوم بنفسه على حكم «مصر» والشام، حتى
يُوقِف الزحف الفاطمى، ويعيد الاستقرار والأمان إلى الولايتين.
جاء «محمد بن طغج» سنة (٣٢٣هـ)، وبدأ يؤسس دعائم دولته
الكبرى بها، وضُمت إلىه «الحجاز» - التى ظلت مرتبطة بمصر
عدة قرون بعد ذلك - كما حصل من الخليفة سنة (٣٢٣هـ) على
حق توريث حكم البلاد التى تحت يده لأسرته من بعده، فأصبحت
هذه الولايات فى عداد الدول المستقلة. بذل «محمد بن طغج»
جهودًا كبيرة فى إعادة الاستقرار والأمان إلى بلاده، واستطاع
بكفاءته وذكائه أن يتغلب على العواقب التى صادفته كافة،
وأخذت «مصر» والشام و «الحجاز» تستعيد مكانتها ثانية، بعد
أن استطاع «ابن طغج» رد الفاطميين وإيقاف زحفهم على
«مصر»، فحاول الفاطميون استمالته إلى جانبهم، ولكنه رفض،
وظل وفيا للخلافة العباسية، واستطاع فى مدة قصيرة أن يبسط
سلطانه على «مصر» والشام، وأعاد إليهما النظام، وعرف كيف
يسوس الناس فيهما، فعاش حياته عزيزًا كريمًا. فلما شعر بدنو
أجله عهد إلى ابنه «أبى القاسم أنوجور» بالحكم من بعده،