[*العامرية (دولة)]
بعد أن أصبحت السيطرة كاملة لابن أبى عامر فكر فى إنشاء
مدينة جديدة يتوافر فيها الأمان ومظاهر السلطان فكانت مدينته
الزاهرة أو العامرية شرقى قرطبة والتى استغرق بناؤها
عامين، وضمت قصرًا ومسجدًا ودواوين للإدارة ومساكن للحرس،
ونقل خزائن المال والسلاح إليها، وأقيم حولها سور ضخم كما
بنى خندقًا وتم إقطاع ضواحيها للوزراء والقادة، فابتنوا الدور
وأنشئت الشوارع والأسواق حتى اتصلت مبانيها بضواحى
قرطبة، وقد انتقل إليها ابن أبى عامر سنة (٣٧٠هـ = ٩٨٠م)،
واتخذ له حرسًا خاصا من الصقالبة والبربر أحاطوا بقصره،
ومنعوا الدخول والخروج إليه، وبذلك أقفرت قرطبة وأقفر
قصرها ونقلت كل مظاهر السلطان إلى المدينة الجديدة، ومنع
الخليفة من أى حركة إلا بإذن ابن أبى عامر حماية له من
المتآمرين وحتى يتفرغ للعبادة كما زعم. حاولت «صبح» بعد هذا
التطور أن تستبعد «ابن أبى عامر» مستعينة بمنافسيه، ولجأت
إلى القائد «غالب» - صاحب الثغر - فى سرية تامة، فرد ابن أبى
عامر بتقريب «جعفر بن على بن حمدون الأندلسى» -وهو بربرى
من زناتة - عبر البحر وتقلد الوزارة، واستعان به ابن أبى عامر
على كسب مودة البربر الذين توافدوا من عدوة المغرب إلى
الأندلس، وغمرهم بأمواله. أراد غالب مصانعة ابن أبى عامر
فدعاه إلى غزوة مشتركة فى أراضى قشتالة، وأقام له وليمة
دخل معه خلالها فى نقاش عنيف ورفع السيف فأصيب ابن أبى
عامر، لكنه استطاع الفرار وذهب إلى دار غالب بمدينة سالم
واستولى على كل ما كان فيها، ثم دخل الفريقان فى قتال عند
حصن «شنت بجنت» يعاون غالب ملك ليون، وانتهى الأمر بموت
غالب وهزيمة أعوانه من المسلمين والنصارى فى (٤ المحرم سنة
٣٧١هـ = ١٠يوليو ٩٨١م). غزوات ابن أبى عامر: بدأت سلسلة
هذه الغزوات الشهيرة بعد أن استقرت الأمور لابن أبى عامر،
ووصل عددها إلى نحو أربع وخمسين غزوة استقصى المؤرخ