القرطبى ابن حيان أخبارها فى كتاب له مفقود عنوانه «الدولة
العامرية» ويتحدث عنها ابن خلدون فيقول: «غزا ابن أبى عامر
اثنتين وخمسين غزوة فى سائر أيام ملكه، لم ينكسر له فيها
راية ولا فل له جيش ولاأصيب له بعث ولا هلكت له سرية». وقد
بدأ «ابن أبى عامر» غزواته بمملكة «ليون»؛ ليعاقب ملكها على
معاونته لغالب، وقد تحالف ضده ملوك النصارى الثلاثة: ملك
ليون، وملك قشتالة، وملك نبرة، وجرت بينه وبينهم موقعة عند
«شنت منكش» انتصر فيها «ابن أبى عامر»، ووصل إلى عاصمة
مملكة «ليون»، ثم عاد إلى «قرطبة» سنة (٣٧١هـ = ٩٨١م) بسبب
حلول الشتاء، وبعد عدة أشهر من عودته اتخذ لنفسه لقب
«الحاجب المنصور» ودعى له على المنابر وصدرت الكتب باسمه
ونقش على السكَّة، وقبَّل المسئولون وكبار الموظفين والوزراء
يده وأصبح هو كل شىء. وفى سنة (٢٧٤هـ = ٩٨٤م) خرج
«المنصور» إلى شمال شرقى «الأندلس» على رأس جيش ضخم مر
بغرناطة ثم «بسطة» فلورقة فمرسية، ثم اتجه شمالا إلى
«برشلونة»، حيث دخل منطقة «قطلونية»، ثم اقتحم مدينة
«برشلونة» ودمَّرها وأحرقها فى (صفر ٣٧٥هـ = يوليو ٩٨٥م)،
ولم يحاول المنصور الاحتفاظ ببرشلونة، وإنما قصد إلى تدمير
قوى النصارى فى هذه المنطقة النائية. ثم قام المنصور عام
(٣٧٨هـ = ٩٨٨م) بغزو مملكة ليون بعد أن انقض ملكهم على
المسلمين، وطاردهم إلى آخر حدود بلاده، فسار المنصور شمالا
إلى ليون، ثم غربًا إلى مدينة قلمرية شمالى البرتغال بالقرب من
المحيط واستولى عليها وبقيت خرابًا مدة سبعة أعوام، ثم سار
المنصور نحو مملكة «نبرة» وقصد عاصمتها «بنبلونة» ردا على
إغارة ملكهم على أراضى المسلمين، وغزوة المنصور هذه
تسمى غزوة البياض، وقد عاد بجيشه إلى «سرقسطة» والتقى
هناك بابنة عبدالملك بعد عودته ظافرًا من حروبه فى بلاد
المغرب كما سنشير فيما بعد. وفى ربيع سنة (٣٧٨هـ = ٩٨٨م)
خرج المنصور فى جيش ضخم، واخترق مملكة ليون واستولى