[*نصر (بنو)]
انفرط عقد الأندلس بعنف بعد هزيمة الموحدين فى معركة
«العقاب» أمام الجيوش الإسبانية والأوربية المتحالفة، وسارت
الأمور من سيئ إلى أسوأ، والقواعد تخرج من قبضة الموحدين
واحدة بعد الأخرى، ينتزع بعضها ابن هود الثائر وبعضها
النصارى وأتاحت هذه الظروف فرصة الظهور والمغامرة
للطامحين من القادة والزعماء. فى تلك الأثناء ظهر محمد بن
يوسف بن نصر أو ابن الأحمر الملقب بالغالب بالله فى وقت
اشتدت فيه المحن، وانعقدت عليه الآمال؛ لتميزه بالشجاعة
ومجاهدة العدو، والتف حوله الناس وبايعوه فى «أرجونة» وما
حولها على بعد ثلاثين كيلو مترًا من «جيان» فى (رمضان ٦٢٩هـ
= يوليو ١٢٣٢م) وتوافد عليه جنود الأندلس؛ فأعلن نفسه أميرًا
وانتقل إلى «جيان»، ودخلت فى طاعته بلاد الجنوب كلها، لكنه
أحس أنه فى حاجة إلى معقل يعتصم به؛ لأن «جيان» مدينة
مكشوفة، فوقع اختياره على غرناطة الواقعة عند سفح جبل
الثلج، وكان يوجد فى أعلى الجبل حصن منيع سبق تعميره
أول عصر ملوك الطوائف، فتوجه إليه وسكنه واستقر به، وشيئًا
فشيئًا أخذ يوسع نطاق سلطانه، حتى أصبحت دولته تضم بين
جنباتها ثلاث ولايات كبيرة هى: غرناطة وألمرية، ومالقة،
ووصلت حدودها إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل
طارق، واتخذ مدينة غرناطة عاصمة لدولته، وساعد على دعم
دولته استيلاؤه على ألمرية ومالقة لما لهما من أهمية عظيمة فى
المجالين التجارى والبحرى. وقد واجهت «ابن نصر» بعض
المشكلات الداخلية والخارجية، منها: علاقته بأصهاره «بنى
أشقيولة» الذين عاونوه ثم انقلبوا عليه، ونقص المال الذى كان
فى أشد الحاجة إليه لتثبيت قواعد سلطانه، ومشكلته مع ملوك
النصارى الذين أدركوا خطر دولته الناشئة وأرادوا القضاء
عليها، فاضطر إلى أن يعقد معهم معاهدة صلح سنة (٦٤٣هـ =
١٢٤٥م) لمدة عشرين عامًا، وبمقتضاها حكم ابن الأحمر مملكته
باسم ملك قشتالة «فرناندو الثالث» ودفع له جزية، ووافق على