الفصل الرابع
*سلطنة صنغى الإسلامية
[٧٧٧ - ١٠٠٠هـ = ١٣٧٥ - ١٥٩١ م]:
بدأت سلطنة «صنغى» (صنغاى- سنغاى) دويلة صغيرة لا تختلف من
حيث قيامها عن سلطنة «مالى» أو «غانة» فقد تدفقت بعض قبائل
مغربية - وخاصة قبائل «لمطة» - فى نحو منتصف القرن السابع
الميلادى إلى الضفة اليسرى لنهر «النيجر» عند مدينة «دندى»،
وسيطروا على الزراع من أهل «صنغى».
ورحب هؤلاء بهم ليحموهم من الصيادين الذين كانوا يعتدون عليهم
ونجح هؤلاء الوافدون فى تكوين أسرة حاكمة استفادت إلى حد
كبير من العلاقات التجارية مع «غانة» و «تونس»، و «برقة» و «مصر»،
وكانت هذه العلاقات التجارية ذات أثر بعيد فى تحويل ملوك
«صنغى» إلى الإسلام فى بداية القرن الحادى عشر الميلادى إبان
النهضة الإسلامية التى اضطلع بها المرابطون فى ذلك الوقت لنشر
الإسلام فى غربى القارة.
رأى ملوك «صنغى» أن ينقلوا حاضرة ملكهم من «كوكيا» إلى
«جاو» لتكون على مقربة من طرق القوافل الرئيسية.
ومدينة «جاو» زارها البكرى عام (٤٦٠هـ = ١٠٦٨م) وقال: «إن مدينة
كوكوا (جاو) مدينتان، مدينة الملك ومدينة المسلمين، وإذا وُلِّى منهم
ملك دُفع إليه خاتم وسيف ومصحف يزعمون أن أمير المؤمنين بعث
بذلك إليهم، وملكهم مسلم لا يملِّكون غير المسلمين»، كما زارها «ابن
بطوطة» فى منتصف القرن الرابع عشر للميلاد، وقال عنها: إنها
مدينة كبيرة تقع على نهر «النيجر»، وهى من أحسن مدن
«السودان» وأكبرها وأخصبها، وقد قابل فيها فقهاء ينتسبون إلى
بعض قبائل البربر.
وكانت «جاو» والبلاد التابعة لها تشكل جزءًا من سلطنة «مالى»
(٧٧٧هـ = ١٣٧٥م)، عندما تحرك ملوك «صنغى»، واستردوا استقلالهم
منتهزين فرصة الضعف الذى أخذ يظهر فى دولة «مالى» منذ ذلك
الوقت واتخذوا لقب «سُنِّى» أو «السُّنِّى».
وأخذت بلادهم تتسع فى عهد «سنى على» (٨٦٨ - ٨٩٧هـ = ١٤٦٤ -
١٤٩٢م) الذى كون جيشًا كبيرًا منظمًا سار على رأسه إلى الغرب،