[*الوليد بن عبدالملك]
هو «الوليد بن عبدالملك بن مروان»، وُلد سنة (٥٠هـ)، وهو أكبر
أبناء «عبدالملك»، الذى حرص على تربيتهم تربية إسلامية،
فعهد بهم إلى كبار العلماء والصلحاء لتعليمهم وتربيتهم، وخص
ابنه «الوليد» بعناية خاصة، لأنه ولى عهده، وخليفته فى حكم
الدولة الإسلامية، فشب «الوليد» على الصلاح والتقوى، حافظًا
للقرآن، دائم التلاوة له. تولَّى «الوليد» الخلافة بعد وفاة أبيه،
الذى ترك له دولة واسعة الثراء، غنية بالموارد، قوية الساعد،
مرهوبة الجانب، موحَّدة الأجزاء، متماسكة البناء، موطَّدة
الأركان، فاستثمر ذلك على أحسن وجه فى الفتوحات
الإسلامية، فاستكمل المسلمون فى عهده فتح الشمال الإفريقى
كله، وفتحوا بلاد «الأندلس»، وأتمُّوا فى المشرق فتح بلاد «ما
وراء النهر» - آسيا الوسطى - وفتح إقليم «السند» فى «شبه
القارة الهندية». وبرز فى عهده عدد من القادة الكبار، منهم من
أشرف على فتح تلك البلاد، مثل: «الحجاج بن يوسف الثقفى»،
ومنهم من قاد تلك الفتوحات بنفسه، مثل: «قتيبة بن مسلم
الباهلى» فاتح بلاد «ما وراء النهر»، و «محمد بن القاسم
الثقفى» فاتح «السند»، و «موسى بن نصير» و «طارق بن زياد»
فاتحى «الأندلس». كما نهض «مسلمة بن عبدالملك» أخو «الوليد»
بمنازلة الدولة البيزنطية، ومواصلة الضغط عليها، والاستعداد
لمحاصرة عاصمتها «القسطنطينية». وشهد عصره نهضة عمرانية
كبرى، فأعاد بناء «المسجد النبوى» وأدخل عليه توسعات
كبيرة، وعهد إلى ابن عمه والى «المدينة» «عمر بن عبدالعزيز»
بمتابعة ذلك، كما بنى «المسجد الأقصى» فى مدينة «القدس»،
وبنى «مسجد دمشق»، وأنفق عليه كثيرًا ليكون آية من آيات
العمارة، وعُنى عناية فائقة بتعبيد الطرق التى تربط بين أجزاء
الدولة، التى امتدت أطرافها من «الصين» شرقًا إلى «الأندلس»
غربًا، ومن «بحر قزوين» شمالا إلى «المحيط الهندى» جنوبًا،
وبخاصة الطرق التى تؤدى إلى «مكة المكرمة»، لتسهِّل سفر