للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن

*الدولة الفاطمية بالمغرب

[٢٩٦ - ٣٦٢هـ = ٩٠٨ - ٩٧٣م]

قامت «الدولة الفاطمية» ببلاد «المغرب» - وفق خطة مرسومة من قِبل

دعاة الشيعة - على أكتاف قبيلة «كتامة»، التى تنتمى إلى بربر

«البرانس»، وتميزت عن غيرها من القبائل بكثرة عددها، ومنعة

منطقة سكناها بجبال «الأوراس» بين مدينتى «بجاية»

و «قسنطينة»، فضلا عن عدم خضوعها لسلطة الولاة اعتزازًا بمنعتها

وقوة بأسها.

وقد وقف زعماء الشيعة على ما اتصفت به هذه القبيلة، واختار «ابن

حوشب» رئيس مركز الدعوة الشيعية باليمن «أبا عبدالله الحسين بن

أحمد الشيعى» للاتصال بوفد «كتامة» بموسم الحج، لنشر الدعوة

الشيعية بالمغرب، وإقامة الدولة المرتقبة هناك.

وقد تم لقاء «أبى عبدالله» بوفد «كتامة» بمكة، وجعله هذا الشيعى

يبدو كأنه جاء مصادفة، وبدأ يتعرَّف أحوالهم وميولهم المذهبية، ولم

يفصح عما أضمره وما جاء من أجله، ونجح فى استمالتهم والسيطرة

على قلوبهم بمكره ودهائه وعلمه وجدله، ثم تظاهر بعد انقضاء

موسم الحج برغبته فى السفر معهم إلى «مصر»، للتدريس لأبنائها،

فاصطحبوه معهم، فلما وصلوها، ألحوا عليه بمصاحبتهم إلى بلادهم،

فوافقهم، وذهب معهم إلى المغرب فى سنة (٢٨٩هـ= ٩٠٢م)، واتخذ

من «إيكجان» مستقرا له، لأنها نقطة التقاء حجاج «الأندلس»

و «المغرب الأقصى»، والمتوجهين لأداء فريضة الحج.

وبدأ «أبو عبدالله» فى تنفيذ خطته، وتظاهر بتعليم الصبية، وإلقاء

دروسه عليهم، فزاده ذلك مكانة ومنزلة بين أبناء «كتامة»، وذاع

صيته بين القبائل، وقصده البربر من أماكن متفرقة، لينهلوا من علمه،

ويستفيدوا من نصائحه، ثم عمد «أبو عبدالله» إلى مصارحة بعضهم -

بعد أن اطمأن إليهم- بحقيقة أمره، ورغبته فى إقامة دولة لآل البيت

تقوم على أكتاف قبيلة «كتامة»، لأن الروايات - كما ادَّعى لهم -

جاءت بذلك، وأخبرت عما ينتظرهم من عز الدنيا وثواب الآخرة.

وأخذ «أبو عبدالله» على عاتقه تنظيم صفوف أبناء «كتامة» وبعض

<<  <  ج: ص:  >  >>