الجزء التاسع
[المسلمون في أفريقيا جنوبي الصحراء]
تأليف:
أ. د. رجب محمد عبد الحليم
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة
الفصل الأول
*الطرق التى سلكها الإسلام إلى قارة إفريقيا
- الطرق التى سلكها الإسلام إلى قارة إفريقيا (جنوب الصحراء)
كثيرة ومتعددة، منها:
طرق القوافل التجارية التى تربط بين شمالى القارة وبلاد السودان
الغربى والأوسط (غرب إفريقيا)، ومنها الطريق الذى يبدأ من جنوبى
«تونس» ويتجه إلى «بلاد الكانم والبرنو» فى حوض بحيرة «تشاد»،
والطريق الذى يبدأ من جنوبى «الجزائر» ويتجه إلى «بلاد الهوسا»
فى شمال «نيجيريا»، والطريق الذى يبدأ من جنوبى «مراكش»
ويصل إلى مصب «نهر السنغال» ومنحنى «نهر النيجر» و «نيجيريا»
و «تشاد».
وطريق بحرى يسير عبر مياه «البحر الأحمر» و «خليج عدن»
و «المحيط الهندى»، ويربط هذا الطريق بين «شبه الجزيرة العربية»
وشرق إفريقيا، ومنه دخل الإسلام إلى شرق القارة وخاصة إلى
«إريتريا» و «الصومال» و «الحبشة» و «زنجبار» وساحل شرقى
إفريقيا حتى مدينة «سوفالة» جنوب «نهر الزمبيزى» فى
«موزمبيق».
وطريق وادى النيل وطريق درب الأربعين اللذان تدفق منهما الإسلام
إلى «بلاد البجة» و «بلاد النوبة» وإلى «دار فور» وبقية «بلاد
السودان الشرقى»، وهو «سودان وادى النيل» الذى يعرف الآن
بجمهورية السودان.
ويلاحظ أن معظم هذه الطرق طرق تجارية، ولم تستخدم كمعابر
للجيوش إلا فى القليل النادر، مما يؤكد سمة الطابع السلمى لانتشار
الإسلام فى قارة إفريقيا. ومما يؤكد ذلك أيضًا أن أهل القارة
أنفسهم سواء أكانوا من البربر أم من الزنج والسودان هم الذين
قاموا بنشر الإسلام؛ بعد أن وصلت الدعوة إلى بلدانهم وإلى ما
وراءها من بلدان، ولم تكن حركات الفتح والجهاد التى حفل بها
تاريخ الإسلام فى القارة خلال بعض الفترات لاسيما فى عصر الخلفاء
الراشدين والأمويين من بعدهم ذات أثر كبير فى نشر الإسلام؛ إذ لم
يكن هدفها نشر هذا الدين بقوة السلاح كما يدعى كثير من
المستشرقين وأعداء الإسلام، وإنما كان هدفها هو إزاحة العقبة