التى كانت تحول دون وصول الإسلام بالحكمة والموعظة إلى أهل
إفريقيا، وكانت هذه العقبة تتمثل فى جيوش الاحتلال البيزنطى،
التى كانت تحتل «مصر» والساحل الشمالى لإفريقيا كله قبل فتح
الإسلام لهذه البلاد.
وبعد أن أنقذ المسلمون أهالى القارة من هذا الاحتلال البغيض،
أصبح الطريق مفتوحًا أمام الدعوة، ومن ثم تلقفها الأفارقة بشغف
وحب شديدين، واتخذت الدعوة إلى هؤلاء الأفارقة أشكالا متعددة
وعلى يد أناس مختلفى الصفات والاتجاهات، منهم الدعاة الذين
وهبوا حياتهم لهذا العمل العظيم، ومنهم التجار الذين جمعوا بين
الدعوة والتجارة، ومنهم الحجاج الذين تأثروا بمظاهر الأخوة
الإسلامية فى موسم الحج وأثَّروا فى إخوانهم وأهاليهم بعد أن
عادوا من الحج مشحونين بشحنة دينية عميقة. ومنهم المهاجرون
الذين أتوا فى هجرات عديدة شملت العرب وغيرهم، وحملوا معهم
الإسلام والثقافة الإسلامية، ومنهم الصوفية الذين اخترقوا أعماق
القارة ووصلوا إلى النجوع والكفور والقرى والغابات، وسوف نفصل
الحديث عن هذه الوسائل التى انتشر الإسلام بها فى القارة الإفريقية
(جنوب الصحراء):
١ - الدعاة:
ويقصد بالدعاة الأفراد المسلمون الذين تلقوا قدرًا من العلوم الدينية،
وعلى رأسهم الفقهاء والعلماء والمشايخ والقراء والقضاة، وكان
هؤلاء يسمون فى مختلف أنحاء القارة بأسماء مختلفة، مثل المرابط،
وألفا، والمعلم، والفقيه، والشيخ، وسيدنا، ومولانا. وكانوا يحظون
بنصيب كبير من الاحترام والتقدير، وكانت كل قرية فى إفريقيا تقيم
دارًا لاستقبالهم واستضافتهم، وكان الحكام والملوك الأفارقة سواء
أكانوا مسلمين أم وثنيين يعاملونهم باحترام كبير، وكانوا يتخذون
منهم مستشارين ووزراء يصرِّفون لهم أمور الدولة، مثلما كان الحال
فى دولة «غانة» الوثنية، كما يقول «البكرى» الذى عاش فى القرن
العاشر الميلادى. وكان هؤلاء الدعاة ينشئون الكتاتيب لتعليم الأطفال