على عاصمتها بعد معارك عنيفة، ثم سار إلى «سمورة»
وحاصرها حتى سلمت، واعترف النبلاء له بالطاعة، ولم يبق تحت
سيطرة ملك ليون إلا المنطقة الجبلية الواقعة شمالى غربى إقليم
جليقية. وأثناء قيام المنصور بغزوته هذه رقم (٤٥) انضم ابنه
«عبدالله» إلى ملك قشتالة بتحريض من صاحب الثغر الأعلى
«عبدالرحمن بن مطرف التجيبى» وكانت عاصمته «سرقسطة»،
ولكن المنصور ضغط على الملك النصرانى عن طريق العمليات
العسكرية المتتالية فسلمه ابنه، ولم يتردد المنصور فى قتل ولده
فى الحال. ثم قام «المنصور» سنة (٣٨٧هـ = ٩٩٧ م) بأعظم
غزوة قام بها متجهًا نحو منطقة جليقية، وهى منطقة وعرة من
الصعب غزوها؛ لأنها ملاذ ملوك ليون يلجئون إليها كلما ضيق
المسلمون الخناق عليهم، فخرج المنصور إليها من قرطبة فى
(شهر جمادى الآخر سنة ٣٨٧هـ= ٩٩٧م)، وفى الوقت نفسه تحرك
الأسطول الأندلسى فى مياه البرتغال يحمل المشاة والأقوات
والذخيرة، وعبر المنصور الجبال والأنهار حتى وصل إلى مدينة
قورية، ثم زحف نحو الشمال الغربى واستولى على مدينتى:
«بازو» و «قلمرية»؛ حيث وفد إليه العديد من أمراء النصارى
وانضموا إلى جيشه وأطاعوه، بعد ذلك توجهت القوات الإسلامية
شمالا نحو نهر «دويرة»، حيث وافاه الأسطول، فجعله جسرًا
عبر به صوب جليقية، وسار فى شعب الجبال، ثم التزم المشى
بحذاء الشاطئ يهدم ويخرب، ففرت أمامه جموع النصارى، وظل
المنصور يواصل عملياته حتى انتهى إلى مدينة «شنت ياقب»
المقدسة عند النصارى فدخلها ثم سار المنصور حتى وصل إلى
شاطئ المحيط وتابع سيره إلى أن أصبح فى شمال البرتغال
الحديثة، وهناك وزع الهدايا على الموالين له من زعماء النصارى
وطلب منهم أن يعودوا إلى بلادهم ورجع هو إلى مدينته الزاهرة.
وقد هزت هذه الغزوة إسبانيا النصرانية، وبقى تأثيرها بضع
سنين وكانت الثامنة والأربعين من بين مجموع غزواته. ثم قام
المنصور بعد ذلك بغزوات فى سنوات (٣٨٩، ٣٩٠هـ= ٩٩٩،