فلما كانت سنة (٢٩٠هـ = ٩٠٣م) سارت إليها قوة بحرية من
المجاهدين يقودها «عصام الخولانى»، وقامت بمحاصرتها حتى
تم فتحها، وتولى القائد إمارتها، ومنذ ذلك الحين وهى جزء من
الدولة الإسلامية. وكان من الطبيعى أيضًا ألا يتسع عهد الأمير
«عبدالله» للأمور الإنشائية ولايذكر له فى هذا المجال إلا
«الساباط» الموصل بين القصر والمسجد الجامع وهو ممر مسقوف
مبنى فوق عقد كبير يفضى من القصر إلى الجامع ويتصل به
قريبًا من المحراب. كان الأمير «عبدالله» عالمًا أديبًا شاعرًا
فصيحًا يتصف بالتواضع والجود والبر بالفقراء، حريصًا على رفع
الظلم والتخفيف من معاناة الشعب، وقد خصص يومًا من كل
أسبوع للفقراء، كما أقام بابًا حديديا أسماه «باب العدل» تقدم
عنده الشكاوى والتظلمات، وكان صارمًا عنيفًا مع الطغاة،
فشاع العدل فى زمنه، وقد آثر الاحتشام والتقشف فى حياته
الخاصة. وقد تولى الحجابة له «عبدالرحمن بن أمية بن شهيد»،
ثم «سعيد بن محمد بن السليم» ثم عزله ولم يولِّ أحدًا، واكتفى
بالوزراء والكتاب، وبرز من بينهم بدر الخصى الصقلبى. وقد
اعتمد - بالإضافة إلى العرب والبربر - على الموالى والفتيان،
وقدَّم الموالى الشاميين على البلدانيين كما فعل أبوه. وقد جرى
حادث مؤسف داخل الأسرة الأموية يتمثل فى قتل الأمير
«عبدالله» لولده «محمد» لاتهامه بالتواطؤ مع الثوار لكنه ندم
على ذلك، وتحول ندمه، إلى عطفٍ وبر بطفل للقتيل لم يكن قد
تجاوز عمره أسابيع ثلاثة عند مقتل أبيه فعنى بتربيته وتعليمه
وجعله موضع سره، وشاء الله أن يتولى هذا الطفل أمر الأندلس
بعد جده ويصبح أعظم حكامها على الإطلاق. وقد توفى الأمير
«عبدالله» فى (أول ربيع الأول سنة ٣٠٠هـ = ٩١٢م).