للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكام الذين اتخذوا لقب سلطان كما أشارت إلى ذلك وثيقة

«تشيروللى».

هذا وقد ظهر فى هذه السلطنة الوظائف السياسية والدينية المعروفة

وقتذاك فى بقية الدول الإسلامية مثل الوزراء والقضاة، يتضح ذلك

من الوثيقة المذكورة التى عنى المؤرخ فيها بتسجيل وفاة الفقيه

«إبراهيم بن الحسن» قاضى قضاة شوا فى رمضان (٦٥٣هـ =

أكتوبر ١٢٥٥م)، مما يدل على وجود حياة علمية ودينية زاخرة،

شأنها فى ذلك شأن السلطنات الإسلامية الأخرى؛ مما يجعلنا نقول

إن هذه السلطنة عاشت عصرًا زاهرًا كبيرًا، وأنها عاشت مستقلة عن

جيرانها سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين.

والسبب الذى أتاح لهذه السلطنة ذلك الاستقلال وهذا الهدوء مع دولة

الحبشة هو ظروف الحبشة نفسها، فقد كانت تعيش حياة مليئة

بالاضطراب السياسى وعدم الاستقرار، فقد كانت مملكة «أكسوم»

الحبشية القديمة فى أواخر أيامها عندما نشأت سلطنة شوا

الإسلامية، ولذلك لم تتمكن «أكسوم» من التصدى لتلك الدولة أو تمنع

قيامها فى جزء من الهضبة الحبشية ذاتها لبعد «أكسوم» التى كانت

تقع فى أقصى الشمال، بينما كانت دولة «شوا» فى أقصى

الجنوب، ولذلك لم يحدث بينهما أى نوع من أنواع العلاقات، سواء

أكانت ودية أم عدائية.

ومن الأسباب التى أتاحت الهدوء لهذه السلطنة ما حظيت به من موقع

حصين فقد كان يحيط بها جبال وعرة تحف بمجرى نهر تكازى

الأعلى من ناحية اليمين، والنيل الأعلى من جهة اليسار، وهذه الجبال

جعلت من «شوا» حصنًا آمنًا يوفر الحماية لمن يسكنه.

وقد استغل بنو مخزوم هذا الهدوء وهذا السلام اللذين تمتعوا بهما

حوالى ثلاثة قرون ونصف قرن من الزمان فى تنمية قدرات السلطنة

الاقتصادية والسياسية والدينية، فصار لها نفوذها فى المناطق

المجاورة وخاصة المناطق الإسلامية التى تقع إلى الشرق منها وهى

سبع ممالك صغيرة قامت فى القرن الثالث عشر الميلادى.

كما كان لها دورها الدينى أيضًا، من ذلك أن أحد سلاطينها ويسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>