١٠٠٩م)، ثم أراد إخراج البربر الذين كانوا فى خدمة المنصور من
قرطبة، فرفضوا، وجرى صراع بين البربر والأندلسيين وضاع جيش
الدولة فى هذا الصراع، وحرمت الدولة من أن تكون لها قوة عسكرية
تخصص للدفاع عنها.
كان هشام بن سليمان بن الناصر على رأس الناقمين على المهدى،
فقد كان يخشى مغبة تهوره على كل بنى أمية وانضم إليه جماعة
يتقدمهم الفتيان العامريون والبربر وحاصروا محمد بن هشام بن
عبدالجبار فى قصره، وجرى قتال بينه وبينهم انتهى بهزيمة البربر،
ودمرت بيوتهم ونهبت واضطروا للانسحاب إلى بعض ضواحى قرطبة،
ثم خشى المهدى سوء العاقبة فعفا عنهم وأمنهم، لكنهم اتجهوا
شمالا نحو قلعة رباح وبدءوا ينظمون صفوفهم والتفوا حول أموى
اسمه «سليمان بن الحكم بن عبدالرحمن الناصر» ورشحوه لتولى
الخلافة بدلا من المهدى، ولقبوه بالمستعين بالله، واستعانوا على
أمرهم بأمير قشتالة النصرانى، وهزموا قوات تابعة للمهدى بالتعاون
مع هذا الأمير، وأصبح هناك خليفتان، واحد فى قرطبة والآخر على
رأس البربر.
عرف المهدى ما تعرض له جنده من هزيمة فأخذ فى تحصين قرطبة
ونظم قواته وانضمت إليه قوات «واضح الفتى» وتوجه إليه سليمان
ابن الحكم على رأس قوات البربر وقوات أمير قشتالة والتقى
الفريقان فى (١١ من ربيع الأول ٤٠٠هـ = ٥ من نوفمبر ١٠٠٩م)، عند
مكان يسمى «قنتيش» إلى الشمال من بلدة القليعة عند ملتقى نهر
أرملاط بالوادى الكبير، وانتهت المعركة بهزيمة المهدى وقتل الآلاف
من أعوانه وفرار نفر من الأندلسيين الصقالبة إلى شرقى الأندلس
واستقرارهم فى «دانية»، وقتل البربر الكثير من أهل قرطبة، ومن
بين هؤلاء العالم الجليل «أبو الوليد الفرضى» وأصبح «زاوى بن
زيرى» سيد الموقف.
أما المهدى فقد حاول من جانبه تدارك الأمر، فلجأ إلى حيلة سخيفة
حين أظهر الخليفة هشام المؤيد الذى كان قد زعم أنه مات وأجرى
مراسم دفنه، ثم بعث إلى البربر يخبرهم أن هشام هو الخليفة