الشرعى وأنه هو - يعنى المهدى - نائبه، لكن البربر رفضوا ذلك
وأعلنوا تمسكهم بسليمان وأدخلوه القصر وبايعوه بالخلافة ولقبوه
بالمستعين بالله.
فر المهدى إلى طليطلة؛ ليدبر للعودة إلى الحكم من جديد وكان معه
«واضح الفتى العامرى» الذى توجه إلى «طرطوشة» من مدن الثغر
الأعلى، وطلب عون أمير برشلونة وغيره من زعماء النصارى، وحصل
على موافقتهم بشروط باهظة منها أن يستولوا على ما يغنمونه من
سلاح وأن تسلم لهم مدينة سالم ..
سار النصارى ومعهم واضح إلى قرطبة وانضم إليهم المهدى والتقوا
بقوات البربر والمستعين بالله، وحدثت موقعة هائلة فى مكان يسمى
«عقبة البقر» على بعد (٢٠كم) شمالى قرطبة فى (شوال ٤٠٠هـ =
مايو ١٠١٠م)، وانتهى الأمر بهزيمة البربر وفرار سليمان المستعين،
وعاد زاوى بن زيرى إلى قرطبة حيث أخذه أهله وانسحب إلى
الجنوب وفعل البربر مثلما فعل.
رجع المهدى إلى قرطبة وبدأ يحصنها ويعدها للدفاع، بينما استعد
سليمان والبربر لاستئناف الصراع على قرطبة، فى هذه الآونة ضاق
الفتيان العامريون - وفيهم واضح- من تصرفات المهدى وسلوكه،
فتآمروا عليه وأخرجوا هشام المؤيد من محبسه وولوه الخلافة للمرة
الثالثة وأتوا بالمهدى وضربوا عنقه بين يدى هشام المؤيد فى (ذى
الحجة سنة ٤٠٠هـ = ٢٣ يوليو ١٠١٠م) وبذلك استرد هشام الخلافة
ليكون ألعوبة فى يد الفتيان العامريين، وتولى واضح حجابته
وأرسل إلى سليمان المستعين وإلى البربر يدعوهم إلى طاعة
الخليفة الجديد، فلم يقبل البربر دعوته وأعلنوا تمسكهم بسليمان.
حاول البربر وسليمان الاستعانة بنصارى قشتالة مرة أخرى وعرضوا
على ملكها تسليمه الحصون الأمامية التى اقتحمها الخليفة الحكم
والمنصور بن أبى عامر، إذا وقف معهم فى خلعهم للخليفة هشام
المؤيد لكن الملك النصرانى رفض ذلك.
زحف البربر إلى قرطبة وأخذوا يقتلون الجند ويعيثون فيها فسادًا
وامتد تخريبهم إلى الجنوب حتى وصلوا إلى ضواحى غرناطة ومالقة،