إلى تنشيط الحركة الإسلامية، عن طريق استدعاء الفقهاء من
الشرق ليعلِّموا الناس أصول دينهم، كما شجع التجارة وأسس
المساجد والمدارس. وبدأت الدولة تتسع، فامتد سلطانها على
«كردفان» فى عهد السلطان «تيراب» (١٧٦٨ - ١٧٨٧م)، وبلغت
أقصى اتساعها، فكان حدها من الشمال «بئر النترون» فى
الصحراء الكبرى، ومن الجنوب «بحر الغزال»، ومن الشرق «نهر
النيل»، ومن الغرب منطقة «واداى». وقد وصل نفوذ الدولة
أقصاه فى عهد السلطان «عبدالرحمن الرشيد» (١١٩٢ - ١٢١٤هـ
= ١٧٧٨ - ١٧٩٩م)، الذى نقل العاصمة إلى مدينة «الفاشر»،
واتصل بالسلطان العثمانى واعترف بسيادته، فمنحه لقب
«الرشيد». وفى عهد خلفاء «عبدالرحمن الرشيد» كان من
الممكن أن تتسع السلطنة إلى آفاق أوسع لولا التوسع المصرى
فى القرن التاسع عشر الميلادى، ذلك التوسع الذى قضى على
هذه السلطنة عام (١٢٩٢هـ = ١٨٧٥م) فى عهد الخديوى
«إسماعيل». واصطبغت هذه السلطنة بالصبغة الإسلامية
الواضحة؛ حيث عمل سلاطينها على ربط بلادهم بالعالم الإسلامى
المعاصر، وتوثقت به صلاتهم الثقافية والدينية، فوصل طلاب
«دارفور» إلى «مصر» والتحقوا بالأزهر، حيث أنشئ لهم رواق
خاص بهم. وكان سلاطين «دارفور» رغم ندرة أخبارهم ينهجون
نهجًا إسلاميا، فيلتزمون بأحكام الكتاب والسنة، ويحرصون
على تحرى العدل فى أحكامهم، كما حرصوا على تشجيع
العلماء ومنحهم الهدايا، وعملوا على نشر العلم فى بلادهم،
ويذكر «التونسى» أخبارًا كثيرة عن العلماء والفقهاء الذين
وفدوا على «دارفور» لما وجدوه فيها من تشجيع وعدالة وكرم
واحترام. ومن مظاهر ارتفاع مكانة العلماء فى سلطنة «دارفور»
الإسلامية أن مجلس السلطان كان لايتم إلا بحضورهم، وكانوا
يجلسون عن يمينه، ويجلس الأشراف وعظماء الناس عن يساره،
وعند موت السلطان واختيار سلطان جديد كان هؤلاء العلماء
يدخلون ضمن مجلس الشورى الذى ينعقد لهذا الغرض، وإذا حدث