(١١٩٠هـ = ١٧٧٦م) أن يعزل السلطان «بادى الرابع» ويولِّى غيره،
وبدأت الانقسامات الداخلية والحروب الأهلية؛ فأدَّت إلى انحلال
الأسرة المالكة، حتى جاء الفتح المصرى فى النصف الأول من القرن
التاسع عشر الميلادى فى عهد «محمد على باشا».
وقد اتخذت سلطنة «الفونج» مظهرًا إسلاميا منذ البداية، فقد استهلت
حياتها بالإسهام فى حركة الجهاد الإسلامى، وساعدت العرب فى
القضاء على مملكة «علوة» المسيحية، وبذلك تدفَّق الإسلام فى وسط
«السودان»، ومنه إلى الجنوب والغرب.
كما أسهموا فى محاربة الوثنيين داخل «السودان» نفسه، فقد
حاربوا أهل جبال «النوبا» بسبب غاراتهم على «كردفان»،
واستمروا فى حربهم زمنًا طويلا حتى انتشر الإسلام فى كثير من
مناطق هذه الجبال فى غربى «السودان».
كما حارب «الفونج» «الشلك» (أو الشلوك) للغرض نفسه، بل شاركوا
فى حركة الجهاد الإسلامى ضد الأحباش فى القرن الثامن عشر
الميلادى فقد قضوا على بعثة فرنسية كانت قد قدمت إلى
«الحبشة»، بهدف مساندتها فى حربها ضد المسلمين عام (١١١٧هـ=
١٧٠٥م)، كما اشتبكوا مع الأحباش فى عهد الملك «بادى الرابع أبى
شلوخ» سنة (١١٥٧هـ = ١٧٤٤م)، وكانت جيوش «الفونج» بقيادة
شيخ «قرى» التى كان يتولى إمارتها الشيخ «محمد أبو اللكيلك»
كبير الهمج (الهمق)، الذى قضى على دولة «الفونج» فيما بعد، وقد
انتصر هؤلاء القواد على جيش «الحبشة»، وكان لانتصارهم هذا دوى
هائل فى العالم الإسلامى المعاصر فى «مصر» و «الشام» و «الحجاز»
و «تونس» و «إستانبول» و «الهند».
ولم يسهم «الفونج» فى نشر الإسلام عن طريق الجهاد فحسب، إنما
استعانوا بالوسائل السِّلمية التى كانت الأصل فى غالب الأحوال
وكان لرواد الدعوة الذين وفدوا من «الحجاز» و «المغرب» و «مصر»
و «العراق» إلى جانب الدعاة الوطنيين فضل كبير فى هذا السبيل
فالحج والتجارة بين «الحجاز» و «السودان» كانا من أكبر ماهيَّأ