بعد أن زالت دولة الأيوبيين، وانتقل الحكم إلى المماليك باختيار «عز
الدين أيبك التركمانى» لعرش السلطنة (٦٤٨ - ٦٥٥هـ) لم تستقر
الأوضاع تمامًا، شأن كل فترات الانتقال من نظام إلى نظام، أو بناء
دولة وليدة على أنقاض أخرى بائدة، ولم يخلُ عهد «أيبك» من
المنازعات التى نشبت بينه وبين المماليك على السلطنة، خاصة أن
«فارس الدين أقطاى» رئىس «المماليك البحرية» لم يكن مقتنعًا
بأيبك، فدارت بينهما مناوشات كثيرة، وتمكن «أيبك» من القضاء
على «أقطاى»، ولكنه لم يلبث طويلا بعد ذلك وقُتل؛ ليتولى العرش
من بعده ابنه «على».
٢ - على بن أيبك (المنصور نور الدين) [٦٥٥ - ٦٥٧هـ]:
تولى «المنصور» عرش السلطنة عقب مقتل أبيه، وتلقب بالمنصور نور
الدين، إلا أنه لم يكن أهلا لهذه المسئولية الجسيمة، خاصة أن البلاد
الإسلامية - آنذاك - كان يتهددها خطر المغول، الذين سيطروا على
مركز الخلافة الإسلامية، بالإضافة إلى أن «المنصور» كان لايزال
طفلا فى الحادية عشرة من عمره، ولذلك لم يجد الأتابك «سيف الدين
قطز» صعوبة فى عزله وتولى عرش السلطنة بدلا منه.
٣ - سيف الدين قُطُز:
كان «قطز» أتابكًا للمنصور نور الدين على بن أيبك، ورأى هولاكو
قائد المغول قد سيطر على «بغداد»، وقتل خليفة المسلمين، وزحف
يهدد بغزو «مصر»، فأحس أن ظروف البلاد تتطلب منه أن يقوم بدور
فعال فى إنقاذها من خطر الغزو فى هذه المرحلة الخطيرة، فعزل
«على بن أيبك» الذى كان صغيرًا لا يدرك عاقبة الأمور، وتولى
السلطنة، وقام بتنظيم الجيش وإعداده، وخرج لملاقاة التتار فى
أواخر شهر شعبان عام (٦٥٨هـ)، وتمكن فى رمضان من العام نفسه
من إلحاق هزيمة نكراء بهم فى «عين جالوت» (تقع بين «بيسان»
و «نابلس» بفلسطين)، وقتل من جيش التتار ما يقرب من نصفه، وأجبر
الباقى على الفرار، ثم دخل بعد ذلك «دمشق»، ثم عاد إلى «مصر».
وفى «القصير» (بمحافظة الشرقية)، وفى طريق عودة «قطز» إلى