السلطة بأى ثمن، تقلَّب من العداء لآل البيت، إلى الاتصال بعبدالله بن
الزبير حين أعلن نفسه خليفة سنة (٦٤هـ)، فلما لم يجد تجاوبًا به،
انطلق إلى «الكوفة» التى كانت تموج بالفوضى بعد هزيمة التوابين
فادَّعى أنه جاء مندوبًا من عند «محمد بن على بن أبى طالب»،
المشهور بابن الحنفية للمطالبة بدم الحسين والأخذ بثأره.
ولم يكن «المختار» صادقًا فى دعواه، وإنما هداه تفكيره الانتهازى
إلى استخدام مأساة «الحسين» ذريعة للوصول إلى مطالبه، وكان
الشيعة فى تلك الفترة يفتقرون إلى الزعامة بعد مقتل «سليمان بن
صرد الخزاعى»، فلما وجدوا «المختار» - وكان بارعًا فى الحيل
وخداع الناس - التفوا حوله وأسلموا له القيادة.
ازداد نفوذ «المختار» بعد أن حالفه التوفيق فانتصر على جيش
أموى، وقتل قائده «عبيدالله بن زياد» فى معركة عند نهر «الخازر»
بالقرب من «الموصل» سنة (٦٧هـ)، ولما كان «ابن زياد» يعد المسئول
الأول عن قتل «الحسين» فى «كربلاء»، فقد دعم مقتله «المختار»،
وزاد من ثقة الشيعة به ووقوفهم خلفه، فاستفحل أمره، وعظم
شأنه، واتسع نفوذه، وقامت له دولة فى «الكوفة»، اتسعت رقعتها
لتشمل معظم «العراق».
لم ينعم «المختار» بدولته طويلا، فقد أزعج صعود أمره «آل الزبير»
فى «مكة»، و «عبدالملك بن مروان» فى «دمشق»، فأرسل «عبدالله
بن الزبير» أخاه «مصعباً» بجيش ضخم، قضى به على «المختار» فى
سنة (٦٧هـ).
وانتهت بذلك حركة واحد من كبار المغامرين المتطلعين إلى السلطة
فى العصر الأموى، ولم تنفعه مزاعمه وادعاءاته حب آل البيت والثأر
لقتلاهم، فقد انكشفت حيله، وتخلَّى عنه الشيعة وأسلموه إلى
مصيره المحتوم.
عبد الله بن الزبير والدولة الأموية:
هو «عبدالله بن الزبير بن العوام»، وأمه «أسماء بنت أبى بكر
الصديق»، ولد فى العام الأول من الهجرة، وهو أول مولود للمسلمين
فى «المدينة»، وكانت سعادتهم به عظيمة، لأن اليهود أشاعوا أنهم